ثقافة

شعراء إفريقيا يتألقون في ضيافة دار الشعر بتطوان

شهدت مدينة تطوان فعاليات الدورة الأولى من ملتقى الشعر الإفريقي، الذي أقيم يوم الأربعاء الماضي في فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية، بحضور شعراء من السنغال ونيجيريا ومالي والمغرب. والتقت قصائد الشاعرات والشعراء المشاركين في الحديث عن تجربة الكتابة والمعنى، ورحلة الشاعر مع الكلمات والمجازات، بلغة شعرية إفريقية خاصة، من حيث الإيقاعات والمعجم والاستعارات والرؤى والمرجعيات. وافتتح الشاعر محمد أمين جوب من السنغال فعاليات الجلسة الأولى من ملتقى الشعر الإفريقي، وهو يصف رحلته بين الكلمات والقوافي والأخيلة: بقدر ما أنا أمشي أو أشي قدرا / “يا نار كوني” فكانت روحه قمرا. بقدر ما جئت مغمى للحنين دمي/ مبعثرٌ وفؤادي لا يرى ويُرى. يا بيدر المدن الجوعى ويا مددا/ للحائرين ويا من فيضه انفجرا. أنا المذبح في نجواك يسكنني/ ما يسكن الموسم القمحي إن عثرا. فالأبجديات في صحراء أخيلتي/ صرعى

وقافيتي المزجاة طيف كرى. محلقا في مهب الشوق متقدا/ فمن سيطفئ فيَّ النار والشررا. وفي قصيدة أخرى يهتف أمين جوب: شفتاه موسيقى وأغنيتاه لَمْ/ ويداه في غرف الأماسي لم تُسَمْ. شفتاه منذ البدء تقطر بسمة/ فالأرض تعجب كيف يضحك في الألمْ… إلى أن يختم: من قال لا في الشعر أرفض لاءه/ أرضى بلائك أم بقولك لي: نعم. هذا الفتى الذهبي يحمل حلمه/ بشجاعة يرنو ليرتجل القمم. شفتاه موسيقى وأغنيتاه لم…/ ويداه في غرف الأسامي لم تُسَمْ.

وعن طقوس الكتابة تردد الشاعرة المغربية خديجة السعيدي في ملتقى الشعر الإفريقي: سنكتب ريثما تصل الحياةُ/ ونبعث في القصائد ما أماتوا. نفجر من صخور اليأس نبعا/ ليسقي حرفنا نبع فراتُ. صمت.. وكان عند الشعر صمتي/ تراتيلا تتم بها الصلاةُ… ألوح بالمجاز إلى فؤاد/ هو الغاوي ويتبعه الغواة. وهذا الشعر حقلي حيث نبضي/ بذور والقصائد سوسناتُ. على بحر الحنين رسا قصيدي/ وقد وعدت تفاعيلي النجاة.

وجمع الشاعر النيجيري حميد أديمي بين تجربة الشاعر وتجربة العاشق: كغارق في بحور الحب إن له/ ضمن البحور بحارا تنفق الغرقا. كعائش ميت تتلى له قصص/ تغري السماع إلى أن يلتقي صعقا. كراحل خلف كون دونما جسد/ ليحتسي جرعة من بحر من عشقا. وغير بعيد عن هذه العوالم التخييلية، ينشد أديمي في قصيدة أخرى: “كسبحة صوفي يقاسمها الوهي/ كشيخ تغنى عقب أقواله الرأي. كماء له من حكمة الجري خبرة/ كطفل عن الإفطام يشغله الثدي…

بعدها، قدم “ثلاثي كناوة” عرضا فنيا من خلال لوحات كناوية استحضرت أوجاع الأرض الإفريقية، وأوجاع العالم، في تعبيرات وإيقاعات موسيقية دالة، من خلال ما تصدح به آلة الهجهوج، وهي تعزف قصيدتها الخاصة.

وفي مستهل الجلسة الثانية، تغنى الشاعر المالي صوري إبراهيم تراوري بإفريقيا الأم: ماماي إفريقيا عودي محرِّرَةً/ بَنيكِ والأب أم نرقص بأوتاري. أماه، أين اختفى كانكو ومعدنه؟ وكيف باد هباء كل أخيار؟ أما قصيدة “في جملة الغرقى” فقصيدة أخرى عن صورة الشاعر العاشق: طبيعة أم جنون يفتق العشقا/ ففي هواك حصادي يعتلي الفوقا. كل السماوات بين الحب

أعبرها/ ركبي براق كهمي يخرق المرقى. أنا المُعَبَّدُ للعشاق مبتدأٌ/ أنا وهم خبري في جملة الغرقى.

بينما تشبه الكتابة عند فاطمة الميموني جمال الرسم وضياء اللون، في صور شعرية تشكيلية، تصور أمامنا “أشدُّ الكفَّ والقصبْ/ أرسمُ خَصْري زينةً وحجابا…/ هلْ يحجبُ سرّي؟ هل رأيتَ أيها الغاربُ أمري؟ هل كشفتَ حدائقي/ منمنماتي القديمهْ؟ مِن ْغيمتي الخضراءْ/ كيف تعشقُ الموتْ؟ كيف تشجبُ الموتَ في وطن/ لا شجر فيه ولا جدولْ؟ لا غيمة خضراء تَحجُب سرّي/ لا غيمة تروي عطشَ الحدائقْ. والترابْ.. عطشي…

أما الشاعر النيجيري حبيب الله تيتيلوبي زبير فاختار أن يحكي لنا سيرة الشاعر مع المعنى والمجازات، وتخفيه خلف الكنايات، وهو يردد على لسان

الشاعر: يصطاد معنى ولكن لم يجد لغته/ فتى يراود شمسا فاشترى سمته. خلف المجازات يسعى إذ بضاعته/ ومض من التيه يمضي فيه هيكلته. يمشي وحيدا على شوك الكنى طلبا/ معنى طريفا يواري فيه توريته. وكان في غير ذي زرع بأسئلة/ لا من يفك ولو بالرمز أسئلته. وعن إفريقيا ختم الشاعر النيجيري هذه الدورة من ملتقى الشعر الإفريقي بقصيدة يردد فيها: في سالف العصر والأقلام تستطرُ/ أفريقيا السود أعلام لها كثر. حيث المعالم حيث الحال ترجمة/ هم مبتدا حيث أعلام الورى خبر…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى