الشبيبة الاتحادية بفرنسا: رفضٌ للوصاية ودعوة لاحترام الديمقراطية الداخلية
اجتمعت الكتابة الإقليمية للشبيبة الاتحادية بفرنسا يوم 28 يناير 2025 لمناقشة الوضع السياسي والتنظيمي لحزبنا في المغرب.
يأتي هذا الاجتماع في سياق سياسي وتنظيمي معقد حيث تتوالى تقارير المؤسسات الدستورية المستقلة، مبرزةً تفشيًا غير مسبوق للفساد، وتزايد معدلات الفقر والبطالة. وفي المقابل تستمر الأحزاب السياسية، بما فيها حزبنا، في التمسك بولاء ضمني للحكومة الأغنياء من خلال صمتها.
بعد مرور ثلاث سنوات على انعقاد المؤتمر الوطني لحزبنا، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لا يزال مناضلو الحزب في الخارج، وتحديدًا في فرنسا، ينتظرون تفعيل تمثيليتهم السياسية داخل المجلس الوطني، فربما يعود ذلك إلى رفضنا الواضح والصريح، كتنظيم شبيبي، للولاية الثالثة للكاتب الأول، باعتباره موقفًا مبدئيًا نابعًا من إيماننا بأهمية التناوب وما يتيحه من إمكانيات لكسر الجمود وفتح المجال أمام أفكار وقوى جديدة.
فبدلًا من التهرب من الحقيقة نريد اليوم أن نسلط الضوء، بوضوح، على انزلاق الحزب من مفهوم “القيادة” كمسؤولية جماعية إلى قيادة قائمة على السلطة الفردية، التي أصبحت تتمثل أساسًا وبشكل مطلق في الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر. وهذا يدفعنا إلى التساؤل حول معنى القرار السياسي، وحدوده، ومن يملك حق تحديده، في ظل تراجع الدور الجماعي للمؤسسات الحزبية وتهميش الأصوات المعارضة داخل الحزب.
فالزعيم عبد الرحيم بوعبيد قال إن الديمقراطية لا يمكن تعلمها إلا من خلال ممارستها، فالشعب المغربي هو صاحب هذا البلد، وهو الذي خاض، إلى جانب قواه الحية، التي يمثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جزءًا منها، معركة استمرت لأكثر من ستين سنة، وقدم خلالها مناضلو الحزب الجزء الأكبر من التضحيات، لنرى أفكاره تتحقق على أرض الواقع. فكيف لنا اليوم أن نفرّط في هذه المكتسبات؟ وكيف لنا أن نقبل بالتضحية بديمقراطيتنا الداخلية بدل تطويرها؟
بل كيف لنا أن نسمح ببيع الحزب وقراره السياسي للمفسدين وأصحاب رؤوس الأموال الذين أوصلونا إلى وضع تغيّرت فيه هوية الحزب، وما لذلك من تأثير مباشر على بلادنا؟ ماذا ينتظر المكتب السياسي من أجل طرد العشرات من الوافدين الجدد على الحزب، الذين مُنحوا التزكية خلال انتخابات 2021، واستفادوا من الرصيد والطاقة النضالية للمناضلين في القواعد خلال الحملة الانتخابية، والذين أدينوا أو يُتابعون أمام المحاكم بتهم تتعلق بتبديد الأموال العمومية، الفساد، التزوير، أو حتى الاتجار الدولي في المخدرات؟
إن الحركة الاتحادية، بكل أطيافها ومنذ المؤتمر الاستثنائي سنة 1975، مأسست فعلها النضالي حول الاختيار الديمقراطي. فلم تكن الديمقراطية يومًا تعني فرض رأي القيادة الحزبية على جموع الاتحاديين، داخل التنظيم وخارجه، خاصة في ظل ظروف منافسة سياسية داخلية مشوّهة (concurrence faussée).
فبدلًا من توحيد الصف الداخلي وضمان حق كل مناضل في التعبير عن آرائه، حتى لو كانت أقلية، أصبح “الاختيار الديمقراطي الداخلي” مرادفًا لتمركز السلطة وفرض الوصاية على إرادة المناضلين من خلال تجميد التنظيمات رسميًا أو عمليًا، والتنكر لصفة المناضل لكل من رفض منطق البيعة، وطرد من تجرأ على قول كلمة الحق، مما دفع بعض الإخوة إلى اللجوء للقضاء، الذي لم يتوانَ في إنصافهم.
فهذه القوى تريد، وبكل وضوح، أن ترث الحزب بتاريخه وإنجازاته، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن ورثة الحزب الحقيقيين هم المناضلون الاتحاديون أنفسهم، والشعب المغربي الذي ناضل من أجله وضحّى لأجل مبادئه.
إن الشبيبة الاتحادية بفرنسا ترفض، وبشكل قاطع، أي وصاية مفروضة على الحزب وقراره السياسي، سواء من داخله أو من خارجه، وستواصل النضال لإسقاط كل أشكال الوصاية، والدفاع عن الاختيار الديمقراطي كحق أساسي لكل اتحادي واتحادية.
إننا اليوم على بعد سنة من انعقاد المؤتمر الوطني الثاني عشر, و استباقا لأي مناورات بئيسة تهدف إلى تأجيل موعده إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية لسنة 2026، أو فتح المجال لولاية رابعة للكاتب الأول إدريس لشكر، تعلن الشبيبة الاتحادية بفرنسا رفضها المطلق والواضح لكل أشكال التلاعب بإرادة جميع الاتحاديين داخل التنظيم وخارجه، و ذلك من أجل طي صفحة الولايات الثلاث، بما لها وما عليها، والتوجه نحو المستقبل برؤية وأفق ديمقراطي جديد يعيد الأمل ويستأنف مسار النضال.
وبناءً على ذلك، فإن الشبيبة الاتحادية بفرنسا تطالب بـ:
* احترام موعد انعقاد المؤتمر الوطني الثاني عشر، أي في أقصى حد قبل يوم 28 يناير 2026، وذلك طبقًا للمادة 49 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والمادة 71 من النظام الداخلي للحزب.
* انتخاب لجنة تحضيرية مستقلة للمؤتمر وفق معايير واضحة تضمن النزاهة والشفافية.
* تحيين قائمة المؤتمرين ونشرها قبل ستة أشهر من انعقاد المؤتمر لضمان الشفافية وإتاحة الفرصة لكل الاتحاديين للاطلاع عليها.
إن مواقف الشبيبة الاتحادية بفرنسا لا تلزم إلا أعضاءها ومناضليها.
وفي الأخير، جدد مناضلو الشبيبة الاتحادية بفرنسا ترحمهم على روح فقيدتنا وئام شفيق، فقد شكّل رحيلها المفاجئ فراغًا كبيرًا في نفوسنا، ليس من السهل تجاوزه لكنه في الوقت ذاته يشكل حافزًا لنا لمواصلة العمل والنضال، واستكمال المسيرة، وتحقيق ولو جزء من الأفكار التي آمنت بها. فهي حية، حاضرة، ومناضلة بيننا.