العمران البلاغي بين الماضي والحاضر: دراسة نقدية لتطور البلاغة في العصر الرقمي
يعد كتاب “العمران البلاغي عند العرب: عودة إلى سحر البيان” للدكتور محمد ناجي بن عمر خطوة متقدمة نحو إعادة استكشاف البلاغة العربية بعمق أكبر، مع محاولة للربط بين الماضي والحاضر بطريقة إبداعية. الكتاب يذهب إلى ما هو أبعد من مجرد دراسة تقليدية للبلاغة، فهو يهدف إلى إعادة إحياء هذا الفن ليصبح أكثر اتساقًا مع متطلبات العصر الرقمي، حيث تلعب وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تشكيل الأفكار والآراء العامة.
البلاغة بين الماضي والحاضر
الدكتور محمد ناجي بن عمر يحاول من خلال هذا الكتاب إبراز كيفية تطور البلاغة عبر التاريخ العربي، وتأثرها بالحركات الفكرية والسياسية المختلفة. يبدأ من الجذور العميقة للبلاغة في التراث العربي الإسلامي، حيث يتناول كيف أثرت المدارس الفكرية والفلسفية على تطور البلاغة وأدوارها. كما يستعرض كيف أصبحت البلاغة أداة هامة في تعزيز الهوية الثقافية للأمة العربية، ويدعو إلى ضرورة استثمار هذا الإرث في مواجهة التحديات الحديثة.
البلاغة في العصر الرقمي
من الأمور اللافتة في الكتاب هو الربط بين البلاغة التقليدية والتطورات الحديثة في وسائل التواصل والإعلام. الكاتب يرى أن البلاغة لم تعد مقتصرة على النصوص الأدبية أو الخطب السياسية فقط، بل أصبح لها حضور قوي في العالم الرقمي، حيث تعتمد على السرعة والبساطة دون فقدان عمق المعنى. في هذا السياق، يناقش الكتاب كيفية الاستفادة من المهارات البلاغية في صياغة رسائل فعّالة ومؤثرة في عصر السرعة والتكنولوجيا.
النقد والتجديد
بالإضافة إلى استعراض البلاغة التقليدية، يقدم الدكتور بن عمر نقدًا لهذه البلاغة، ويطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على مواكبة التغيرات السريعة التي تشهدها المجتمعات الحديثة. يدعو الكاتب إلى تحديث وتطوير هذا الفن بما يلبي متطلبات الأجيال الجديدة، حيث يصبح فن البلاغة أكثر مرونة وانفتاحًا على العالم الرقمي والثقافي الجديد.
تأثير الكتاب في مجال الدراسات الأدبية
هذا الكتاب ليس موجهًا فقط للمتخصصين في البلاغة والنقد الأدبي، بل هو جسر يصل بين الباحثين والقراء العاديين الذين يهتمون بفهم كيفية تأثير البلاغة على المجتمع والسياسة والثقافة. إن تحليل البلاغة من منظور نقدي وتجديدي يمنح القارئ فرصة لفهم هذا الفن على نحو أعمق وأكثر شموليّة.
في المجمل، “العمران البلاغي عند العرب” يمثل قراءة جديدة وفريدة من نوعها في مجال البلاغة، تتجاوز الإطار الأكاديمي الجاف لتقديم منظور شامل يربط بين الماضي والحاضر، ويستشرف المستقبل في كيفية تطور البلاغة لتصبح أداة قوية في التواصل والتأثير.
بقلم حسن كرياض