سيرة الشيخ وزاوية سيدي أحمد الفيلالي: من أعلام قبائل غمارة خلال القرن السادس عشر
عبدالإله الوزاني التهامي
في طبعة أنيقة شاهقة شيقة، صدر للمؤلف الدكتور الشريف محمد العمراني مؤلَّف جديد عنونه ب«من أعلام قبائل غمارة خلال القرن السادس عشر: سيدي أحمد الفيلالي سيرة شيخ وزاوية»، صدر عن مطبعة بلال بفاس، الطبعة الأولى، 2023، متضمن في 260 صفحة من الحجم العادي.
ويعتبر الإصدار على حد تعبير كاتبه “ثمرة أربع سنوات من البحث النظري والميداني في سيرة الشيخ الصوفي سيدي أحمد الفيلالي البوزراتي الغماري المتوفى عام 998هـ/1590م.”
مبرزا أنه لولا مساهمات مفيدة أسهم بها مساهمون في إنجاز هذا العمل، لما تحقق المراد، يقول “سواء تعلق الأمر بمن أفادني بالروايات والمعطيات الشفهية المتصلة بموضوع هذا الكتاب أو بمن ناولني بعض الوثائق والمصادر الخاصة، وأخص منهم بالذكر السادة الأفاضل: الفقيه السيد علي بن عبد السلام فلون البوزراتي، ومقدم ضريح سيدي أحمد الفيلالي السيد عبد العالي بن أحمد الفيلالي البوزراتي، والباحث السيد عبد المالك الحمزاوي، والأستاذ عبد الله الشريفي الفيلالي البوزراتي، والأستاذ نور الدين الميموني البوزراتي، والأستاذ الدكتور عبد الواحد ابن عبد العالي، والأستاذ عبد اللطيف السملالي، والأستاذ الدكتور عبد الله عبد المومن، والأستاذ محمد العمراوي السجلماسي، دون أن أنسى الباحثة المتألقة في سلك الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، شعبة الجغرافيا، الطالبة الدكتورة حفصة عوني، التي يعود إليها الفضل في إنجاز خرائط هذا الكتاب”، منوها بمجهودهم العلمي الداعم لهذا الإصدار القيم وشاكرا لفعلهم النبيل، ف”إلى هؤلاء السادة الكرام، وغيرهم ممن قدم لي يد العون والمساعدة، أوجه أسمى عبارات شكري وتقديري.” يقول المؤلف في تدوينة تعريفية بإصداره المتميز.
ومن المعلوم لدى قراء ومثقفي منطقة غمارة وشمال المملكة الشريفة، أن كتابات كثيرة خاضت في مواضيع التاريخ والتراث والتصوف والزوايا التي بصمت حياة الغماريين، وأغنت مجالات مختلفة، سواء تعلق الأمر بسيرة رجالات غمارة أو بتراثها العريق أو بثقافة أهاليها أو بالمعارك والفتوحات التي شارك فيها الغماريون، وغير ذلك.
وأما عن وسائل التواصل الاجتماعي -فيسبوك- بالخصوص فإن غزارة التدوينات المعرفة بغمارة يشهد بها القاصي والداني، اشتغل على تدوينها طلبة (أكاديميون) وباحثين (عصاميون)، كان لها ولا يزال الأثر الطيب في ذهنية وتفكير الأجيال الحديثة الصاعدة، وخاص الأجيال -الشابة- المزدادة بعد الاستقلال.
إن تخصيص مؤلف كامل لشخصية نادرة متمثلة في شيخ عارف بالله هو المولى سيدي أحمد الفيلالي، ليس فقط دليل تأثير هذا الشخص في عقلية ونفوس وروح ساكنة غمارة بالخصوص والمغاربة عموما، من طنجة إلى تخوم الصحراء محطة إقلاعه الأولى نحو غمارة، بل أكثر من ذلك كما نقرأ في تفاصيل الكتاب.
من ناحية أخرى تروي قصاصات متطابقة ومتواترة بأن النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقف على الشيخ مناما، وأشار عليه بعدما طلب منه (الوصول والحصول على المراد) -أشار عليه- بالتوجه إلى فج عميق يوجد بغمارة بعيدا عن الفتن والملاهي والشواغل، إن أراد (الوصول) للتعبد والزهد والتقرب من الله والتدرج في مدارج الإحسان.
وفعلا استوطن مكانا سحيقا في أسفل جبلين يسمى لدى الأهالي ب”اللجوج” ومنهم من يسميه ب”الفجوج”، وللإسمين دلالات رمزية عميقة سنقف عندها في فرصة أخرى.
ومما يذكر من جيل إلى جيل في أوساط الأشراف الوزانيين وصية مؤسس الزاوية الوزانية والجد الأكبر للوزانيين الغوث مولاي عبدالله الشريف، الحاثة على زيارة مقام هذا الولي الكبير موسميا وبلا مناسبة، ل”إخراج السلكة”، وذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والدعاء لصاحب المقام الشريف.
وسبب دفنه في الأعلى أن مولانا سيدي أحمد الفيلالي أوصى محبيه قبل موته بدفنه في قمة الجبل حتى يرى من كل البقاع، ومن كراماته رضي الله عنه ما ظهر للعيان أيام مراسيم جنازته، في العدد الكثير من الثيران والأبقار والمعز التي ذبحت، لإطعام العدد الهائل من المشيعين والزوار والمحبين، الذين مكثوا لأيام وأسابيع، الوافدين من كل فج عميق عند سماعهم بموته رضي الله عنه وأرضاه، منهم علماء العصر ووجهاء و”أصحاب الحال”.
ولا يزال مقامه بأعلى قمة جبلية ببني بوزرة قيادة بواحمد، محجا للزوار من المحبين والمتبركين والباحثين، إذ يعتبر هذا المقام لدى نخب معلمة من معالم “السياحة الروحية”.
لا غنى لأي مكتبة خاصة أو عمومية عن هذا الإصدار القيم.