اخبارالتعليم

البرلمانية نعيمة الفتحاوي تكتب: ما هكذا ياحكومة الجهل بالقانون ؟

البرلمانية نعيمة الفتحاوي تكتب: ما هكذا ياحكومة الجهل بالقانون ؟

إن الأزمة التعليمية التي ورطت فيها الحكومة نفسها تَبين أنها لا تُعير انتباها للقانون؛ حيث ارتكبت أخطاء قانونية فادحة. وهذا لا يقتصر على مجال التعليم فقط؛ بل ظهر ذلك في ملفات أخرى كثيرة؛ مما يتناقض مع ما تدعيه مِن كونها حكومة كفاءات.

سنورد في هذه التدوينة أمثلة على ضعف الكفاءة القانونية لدى الحكومة ولدى أعضائها، وسنتخذ من ملف التعليم نموذجا لهذا الضعف. لذلك سنبدي ببعض الملاحظات على سوء تدبيرها لهذا الملف:

الملاحظة الأولى: تتعلق بعدم احترام تراتبية القوانين: الدستور ثم القانون التنظيمي ثم القانون العادي ثم المرسوم ثم القرار وغيرها.

مرسوم النظام الأساسي هو نص تطبيقي لقانون الوظيفة العمومية، لا بد أن يحترم الدستور والقانون باعتباره مجرد فرع عنه جاء لرسم شكله التطبيقي فقط وليس لإدخال تعديلات عليه.

الملاحظة الثانية: لا يمكن إيقاف مرسوم بمذكرة كما جاء في النقطة الثانية من البلاغ 26 نونبر؛ هذا عبث وجهل بالقانون. فالقاعدة القانونية واضحة في هذا الشأن؛ لا يمكن إلغاؤها إلا بقاعدة قانونية من نفس درجتها أو من درجة أعلى: الدستور لا يلغيه ولا يعدله إلا الدستور، والقانون التنظيمي لا يلغيه ولا يعدله إلا القانون التنظيمي، والقانون العادي لا يلغيه ولا يعدله إلا القانون العادي، والمرسوم لا يلغيه ولا يعدله إلا المرسوم. لكن رغم ذلك، ورغم الحرج القانوني، سننتظر صدور المذكرة التي أشار البلاغ الى صدورها لنتبين مضمونها وطرحها. فما نعلمه عن المذكرات أنها تأتي للشرح والتوضيح فقط.

الملاحظة الثالثة: مصطلح تجميد المرسوم لا معنى له من الناحية القانونية؛ فالمرسوم يعدَّل بمرسوم بنفس المسطرة التي ينص عليها القانون؛ بل أعجب من ذلك أن الوزارة أعلنت أنها ستجمد المرسوم جزئيا وهذا من أغرب ما يمكن سمعه في هذه القضية.

الملاحظة الرابعة: نصَّ بلاغ 26 نونبر في المادة الثانية أن الحكومة ستجمد كل مقتضيات ومواد المرسوم المعني بمذكرة. ونصت المادة 3 من نفس البلاغ على أنها ستوقف العمل بالمادة 64 التي تنص على العقوبات؛ وقد أحدث ذلك تشويشا وغموضا؛ لأن إيقاف المرسوم، منطقيا، لا يترك المجال للعودة مرة أخرى إلى الحديث عن إيقاف مادةٍ منه.

الملاحظة الخامسة: الفصل 31 من الدستور ينص على المساواة في الاستفادة من الشغل.. والحق في الولوج إلى الوظيفة العمومية بناء على الاستحقاق، والظهير الشريف رقم 008-58-1، بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ينص صراحة على أن التوظيف في الوظيفة العمومية مفتوح إلى غاية 45 سنة. غير أن المادة 42 من المرسوم المتنازع عليه تنص على 30 سنة كحد أدنى للمشاركة في مباريات التعليم؛ وفي ذلك مخالفة صريحة للدستور وللنظام الأساسي للوظيفة العمومية المشار إليهآنفا؛ هذا الإجراء جاء به وزير التربية الوطنية في البداية على شكل مذكرة وزارية وتم العمل به، قبل أن يتم إدخاله في المرسوم موضوع الاحتجاجات.

الملاحظة السادسة: الحكومة وضعت نفسها في ورطة! لا أدري كيف ستخرج منها، فلا هي قادرة على العمل بالمرسوم الحالي، ولا هي قادرة على العودة إلى المرسوم السابق لكونه في حكم العدم، ولا هي قادرة على التجميد، ولا على السحب لأن السحب سيترك فراغا ستتيه فيه الإدارة؛ لذلك أصبحت الحكومة تتخبط وتراكم الأخطاء.

الملاحظة السابعة: لا بد من تسجيلها؛ وهي أن الحكومة غيبت التنسيقيات التي قادت إضرابا شل أسلاك التعليم ومختلف قطاعاتِه، وقد تبين أنها الطرف الفاعل في الميدان منذ 5 أكتوبر الى الآن. أما النقابات الأربع المفترض أنها الأكثر تمثيلية، والتي وافقت وساهمت في إعداد مرسوم النظام الأساسي المثير للجدل، فقد أصبحت -على الأقل في هذه الفترة- خارج الإطار بعد أن تم تجميدها وتجاوزها من طرف الأساتذة واعتماد التنسيقيات كممثل وحيد لإسماع صوتهم والخضوع لقراراتهم في مسيراتهم النضالية من أجل إسقاط المرسوم. لذلك أرى أن بعض الحل يكمن في الجلوس مع لجنة تمثل قيادات هذه التنسيقيات للاستماع إليها والتفاوض معها للوصول إلى حل يرضي الجميع. وبهذا وحده يمكن أن نقصر الطريق للوصول إلى الحل في زمن قياسي لتُستأنف الدراسة بعده وترجع إلى شكلها العادي ويعود التلاميذ إلى فصولهم الدراسية وكفى من هدر الزمن المدرسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى