اخبار

السياسة المائية بالمغرب.. التحديات والآفاق

النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي

 

اشكالية الماء في المغرب 

شرع المغرب منذ مدة طويلة في نهج سياسة دينامية لتزويد المغرب ببنية تحتية مائية مهمة وتحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وتلبية حاجيات الصناعات والسياحة وتطوير السقي على نطاق واسع.

وقد مكنت هذه الجهود بلادنا من تطوير خبرة عالية تعد مرجعا عالميا في مجال إدارة وتدبير الموارد المائية، وقد كان من وراء هذا النجاح:

  • سياسة التحكم في الموارد المائية عن طريق تعبئتها وذلك من خلال إنشاء منشآت كبرى لتخزين المياه ونقلها من مناطق الوفرة إلى أماكن الاستعمال.
  • سياسة التخطيط على المدى البعيد التي أطلقت مع بداية الثمانينات، ومكنت متخذي القرار من تدبير استباقي لندرة المياه
  • تطوير الكفاءات التقنية والبحث العلمي.
  • الإطار التشريعي الملائم المصحوب بترسانة قانونية مهمة مما مكَّن من تطوير السقي على نطاق واسع وتزويد السكان بالماء الصالح للشرب والحماية من الفيضانات وإنتاج الطاقة الكهرومائية.

يتوفر المغرب على موارد مائية نسبيا مهمة، ويصل حجم المياه المستغلة إلى حوالي 21 مليار متر مكعب، 16 مليار متر مكعب منها سطحية والباقي عبارة عن مياه جوفية.

لكن وطأة المناخ الشبه الجاف والجاف وتزايد الطلب على هذه المادة يجعلون من الموارد المتوفرة غير كافية.

يمثل الماء إذن مادة غير كافية مقارنة مع الحاجة المتزايدة والسريعة لها، بحيث تبين المؤشرات المستنتجة من دراسات أجريت في المغرب أن استغلال الماء سيبلغ أقصاه في حدود سنة 2013 ويعزى ذلك إلى النمو الديموغرافي المتزايد الذي يعرفه البلد.

تبقى الاستراتيجيات المستقبلية غير دقيقة نظرا للتغيرات المناخية. بين سنتي 1990 و2000 انخفضت حصة كل فرد من الماء من 1200 متر مكعب في السنة إلى 950 متر مكعب، وتشير التوقعات أن هذا الرقم سينخفض إلى 632 متر مكعب في السنة (منظمة اليونيسكو) وهذا الرقم يقارب عتبة أزمة الماء التي تقدر ب 500 متر مكعب لكل ساكن في السنة.

 

1) الماء والفلاحة

لقد هدفت سياسة السدود الكبرى إلى تنمية السهول وإنتاج الطاقة الكهربائية، وهكذا ازدادت المساحات الزراعية الكبرى وتنوع الإنتاج الفلاحي. وبجانب هذه المساحات الكبرى ظهرت مساحات صغيرة عديدة تسقى بعشوائية بواسطة مضخات تجذب الماء من الفرشة المائية أو مباشرة من الأودية، وقد أدت هذه الوضعية غير الممنهجة إلى استنزاف الثروات المائية.

وظيفة معظم السدود المغربية هي تنظيم موسمي للسقي حسب التقلبات المناخية.

المساحة المعتمدة لسد حاجيات السكان انخفضت من 34 هكتار لكل 1000 نسمة إلى 25 هكتار لكل 1000 نسمة إلى حدود سنة 2020. وهنا تطرح إشكالية التوفيق بين الاكتفاء في المجال الزراعي والحفاظ على الثروة المائية.

2) المنافسة بين السقي والتزود بالماء الصالح للشرب.

تعتبر حاجيات المجال الحضري للماء جد ملحة وذات أولوية مقارنة مع المجال القروي. إذن تزويد المدن بالماء الصالح للشرب يبقى أكبر من تزويد القرى بالماء الموجه للري. وفي حالة ندرة المياه (الشيء الذي عرفته بعض مناطق المغرب) تعطى الأولوية لضمان التزويد بالماء الصالح للشرب.. وتؤدي هذه الأولوية إلى انخفاض مستوى المياه في السدود والفرشات المائية.

3) تدبير العرض والطلب:

ركزت سياسة الماء طويلا في المغرب على العرض وذلك بتكثيف الاستثمارات في هذا المجال، لكن تم إغفال تدبير هذا العرض. ولم تصبح مسألة تدبير العرض إلا بعد ظهور المؤشرات الأولى المنذرة بأزمة الماء، وذلك نظرا للطلب المتزايد على هذه المادة ووطأة فترة الجفاف التي عرفها المغرب بين سنتي 1980 و1985.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى