اخبار

المذكرة الاقتراحية حول وضعية دور الطالب والطالبة

“إقليم تارودانت نموذجا “

“لنجعل من دور الطالب والطالبة

فضاءات للتربية الوطنية والتأهيل الاجتماعي والثقافي”

  1. تـــقــديــــــم:

يعرف المغرب منذ تبني الإصلاحات الدستورية لسنة 2011 تسارعا مهما في بناء صرحه الديمقراطي، وتطورا في مسار تعزيز حقوق الانسان وتمكين مؤسسات المجتمع المدني من لعب أدوارها كشريك أساسي في تدبير الشأن العام، من خلال المشاركة في صياغة وتتبع وتقييم مختلف المخططات للمؤسسات العمومية والمنتخبة. فالمقتضيات الدستورية قد ركزت على المقاربة التشاركية كآلية مهمة تمكن من إشراك المواطن والمجتمع المدني للمساهمة في السياسات العمومية، ومن تقييم مدى نجاعة وفعالية الفعل العمومي الترابي ومساءلة قدرته حول تقديم الحلول الناجعة على المستوى المحلي والجهوي والوطني.

في سياق تنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد، الذي جاء كرؤية متقدمة ومتجددة للتنمية داخل المغرب، تجعل من العنصر البشري أولوية الأولويات، وتعمل على تحرير الطاقات وتوفير سبل العيش الكريم وتأهيل البنيات السياسية والاجتماعية والثقافية المختلفة والإشراك الواعي والمتبصر لكافة مكونات الشعب المغربي في كل مراحل التنمية، وجعلهم الأداة الحقيقية لإنجاح هذا المشروع الطموح.

و في إطار الترافع المدني للنهوض بأوضاع التعليم بالمناطق و المجالات القروية ، باعتباره الأداة الحقيقية لتأهيل الموارد البشرية و توفير سبل الانفتاح و الادراك و المعرفة لدى شابات و شباب هذه المناطق لجعلهم اكثر قدرة على الانخراط في مسلسل التنمية سواء على المستوى المحلي او الوطني، يسعى النسيج الجمعوي بأقاليم تارودانت و تزنيت و شتوكة ايت باها ، المكون أساسا من الجمعيات الشريكة لمنظمة الهجرة والتنمية وبشراكة مع دينامية الجندرة والتنمية وفيدرالية جمعيات دور الطالب والطالبة بإقليم تارودانت وأطر ومستخدمي مؤسسات الرعاية الاجتماعية بتارودانت، وذلك في إطار مشروع “أمساسوا” الى مشروع مذكرة اقتراحية حول موضوع وضع دور الطالب والطالبة بجهة سوس ماسة من خلال وضعيتها الحالية وتقديم المقترحات العملية من أجل تحسينها ، نظرا للأدوار الأساسية التي تلعبها سواء ما يتعلق بإيواء الطالبات و الطلبة او في توفير السبل الرئيسية لمحاربة الهدر المدرسي او فيما يرتبط بالتربية السلوكية و الوطنية.

  1. تشخيص:

يرتكز تشخيص وضعية مؤسسات دور الطالب و الطالبة على مقاربة تشاركية ميدانية ، عملت من خلالها الجمعيات الشريكة لمنظمة الهجرة والتنمية وبشراكة مع دينامية الجندرة والتنمية في إطار مشروع “أمساسوا” حول مخاطر الهدر المدرسي وتزويج “الطفلات ” على تنظيم قوافل تحسيسية جابت مجموعة من دور الطالب والطالبة بإقليم تارودانت وتزنيت واشتوكه ايت بها ، تم من خلالها الوقوف على عدة إكراهات و مشاكل و اختلالات تعيق تقديم خدماتها بالشكل المأمول و الظروف المناسبة ، وتم كذلك  تنظيم لقاء عن بعد يوم 3 اكتوبر 2022 مع رؤساء(ت) الجمعيات المسيرة لدور الطالبة والطالب من أجل تعميق التشخيص  و الفهم المعمق للإكراهات و المعيقات، كما تم تجميع بطائق تقنية لكل مؤسسة تتضمن معطياتها الخاصة و المعيقات المحيطة بعملها.

ويرتكز التشخيص كذلك على المعطيات الطارئة التي تم تجميعها بعد زلزال 8 شتنبر 2023، حول وضعية مؤسسات دور الطالب والطالبة، خاصة في إقليم تارودانت باعتباره من الإقليم الأكثر تضررا من تداعيات الزلزال، حيث تهدمت 4 مؤسسات وتضررت أزيد من 16 أخرى، مما ساهم في اكتظاظ باقي مؤسسات دور الطالب والطالبة وزيادة حجم الاختلالات والمعيقات التي تعاني منها.

واستنادا لهذه المعطيات والمعلومات التي تم تجميعها، خلص تشخيص وضعية دور الطالب والطالبة في الأقاليم الثلاثة المستهدفة الى ما يلي:

  1. ضعف عدد بنيات الإيواء وعدم تناسبه مع حاجيات الطلبة والطالبات وانعدام المرافق التكميلية القادرة على توفير التنشيط الثقافي والرياضي والاجتماعي للمستفيدات والمستفيدين;
  2. الاكتظاظ الحاصل في عدد من دور الطالب والطالبة، وتباطأ في تطوير وتوسيع هذه البنيات والمرافق بما يتناسب والعدد المتزايد للطلبة والطالبات؛
  3. ضعف استراتيجيات التأطير الثقافي والتربوي الموجه لفائدة المستفيدات والمستفيدين، وتحول هذه المرافق الى مجرد أماكن للنوم في غياب تام لأي تصور لجعل هذه المرافق آليات حقيقية للرفع من وعي وإدراك المستفيدات والمستفيدين خاصة فيما يتعلق بالتربية على قيم المواطنة وحقوق الانسان؛
  4. ضعف آليات المواكبة الاجتماعية والنفسية للمستفيدات والمستفيدين خاصة فيما يتعلق بالفتيات في ظل تنامي حالات العنف المسجلة في حقهن وضعف التواصل الأسري نظرا للبعد الجغرافي الحاصل بين مركز الإيواء والسكن خاصة وان اغلب المستفيدات ينحدرن من أوساط فقيرة؛
  5. ضعف التكوين والتأطير لدى بعض الأطر والعاملين بدور الطالب والطالبة وغياب أي إستراتيجية للتكوين لفائدتهم تمكنهم من الوسائل والآليات البيداغوجية للإشراف على هذه المرافق؛
  6. ضعف الكفاءات وقلة الموارد البشرية المتخصصة؛
  7. هشاشة الوضعية الاجتماعية للعاملين في دور الطالب والطالبة، خاصة فيما يتعلق بهزالة الأجور وعدم استفادة أغلبهم من التغطية الاجتماعية، وغياب إطار قانوني للعاملات والعاملين منظم لهذا القطاع؛
  8. هزالة منح المجالس المنتخبة وعدم تناسبها مع حاجيات مرافق الإيواء، وغياب أي تصور لدى هذه المجالس فيما يتعلق بتطوير وإصلاح هذه المرافق، والرفع من جودة خدماتها وأدوارها التأطيرية والإشعاعية لفائدة المستفيدات والمستفيدين؛
  9. النقص في التجهيزات وتلاشيها بجل المؤسسات رغم التدخلات التي يقوم بها بعض المتدخلين من حين لآخر.

وبالرغم من كل هذه الإكراهات، فإنه وجب التنويه بما تقوم به الجمعيات المسيرة لدور الطالب والطالبة وكذلك الأطر العاملة بها من مجهودات قيمة تروم المصلحة الفضلى للتلميذات والتلاميذ.

  1. المقترحات:

انطلاقا من المعطيات التي تم تجميعها، ومن الاستشارات الموسعة التي تم القيام بها مع مختلف المتدخلين فيما يتعلق بدور الطالب والطالبة، نتقدم بالمقترحات التالية:

  1. جعل دور الطالب والطالبة في صلب الاهتمامات الرئيسية للمؤسسات المنتخبة، من خلال البرمجة السنوية والمستمرة لميزانيات ومخصصات مالية لفائدتها تتناسب مع احتياجات الإيواء والإصلاح والصيانة لمختلف مرافقها؛
  2. مضاعفة المجهودات التمويلية لفائدة دور الطالب والطالبة قصد تحسين جودة الايواء والتغذية بالإضافة الى خلق فضاءات الرياضة والترفيه وجعلها من ضمن البنود الأساسية في دفتر التحملات الخاصة بهذه المرافق؛
  3. إحداث جسور بين دور الطالبات ودور الطالب مع الأحياء والإقامات الجامعية بمختلف المدن المغربية لأجل تيسير استكمال المستفيدات والمستفيدين الحاصلين على البكالوريا لدراستهم/ن الجامعية؛
  4. وضع برنامج استعجالي على مستوى الجهة بمشاركة كافة المؤسسات المنتخبة لزيادة عدد دور الطالب والطالبة واحداث مشاريع التوسيع والتأهيل في أفق تخفيف الاكتظاظ وتوفير عرض الإيواء لمختلف سكان المناطق النائية بما يضمن استكمال الدراسة ومحاربة الهدر المدرسي،
  5. الرفع من دورات التكوين وتأهيل العاملات والعاملين بدور الطالب والطالبة من طرف التعاون الوطني؛
  6. خلق آلية تنسيق جهوية لدى مصالح التعاون الوطني وبمشاركة كافة الجمعيات المتدخلة، وتفعيل دور لجن التدبير لدى المؤسسات لتعمل على متابعة أنشطة دور الطالب والطالبة وتسهر على توفير الشروط المطلوبة لحسن سير عملها، وتنسيق التعاون بين مختلف هذه المؤسسات، خاصة فيما يتعلق بتنظيم التظاهرات الرياضية والثقافية والتعليمية لفائدة المستفيدات والمستفيدين؛
  7. خلق آليات تنسيق بين الجماعات واللجن الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية للنهوض بوضعية دور الطالب والطالبة؛
  8. انخراط مصالح التعليم والتكوين في تقوية وتعميم الاستفادة من الأنشطة المدرسية التكميلية على المستفيدات والمستفيدين من دور الطالب والطالبة، بما يضمن التوجيه التربوي والتأطير الوطني والسلوكي لهم ويعزز من قدراتهم المعرفية والتربوية؛
  9. انخراط مؤسسات التكوين المهني فيما يتعلق بتوفير التكوين لفائدة العاملين في دور الطالب والطالبة وتأهيلهم بما يتناسب مع طبيعة عملهم التاطيري؛
  10. الارتقاء بأوضاع العاملات والعاملين في دور الطالب والطالبة، ووضع إطار قانوني ينظم العمل مع ضمان الأجور المناسبة لعملهم بما يتوافق والقوانين الجاري بها العمل؛
  11. حث القطاع الخاص على الانفتاح على مؤسسات دور الطالب والطالبة كشريك اجتماعي، بما يعزز من مفهوم المقاولات المواطنة ويساعد في توفير موارد إضافية لهذه المرافق؛
  12. إعداد دليل شامل للتأطير والتكوين داخل دور الطالب والطالبة، من طرف الجمعيات المتدخلة والتعاون الوطني ومصالح التعليم والتكوين داخل الجهة، يشكل إطارا مرجعيا داخل هذا المرفق؛
  13. الإسراع بتنفيذ وأجرأة القانون 15/65 مع نصوصه التنظيمية، وتنظيم دورات تكوينية استباقية؛
  14. انخراط مصالح التربية والتعليم للرفع من عدد الممنوحين في أفق تعميمها على جميع التلميذات والتلاميذ؛
  15. البحث عن حل قانوني لمآل العاملات والعاملين بدور الطالب والطالبة التي بدأت تعرف انخفاضا في عدد المستفيدين والمهددة بالإغلاق الكلي بسبب بناء الداخليات وتوفير النقل المدرسي بهذه المناطق في أفق فك الارتباط الذي تتجه إليه مصالح التربية والتعليم؛
  16. ضرورة انخراط الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإيجاد حل توافقي للديون المترتبة عن عدم أداء واجب الانخراط بعد التصريح بالعاملات والعاملين من طرف بعض الجمعيات والتي يورثها المكاتب السابقة للمكتب الجديد وتبقى هذه الديون عالقة الى أجل غير مسمى وبالتالي تضيع معه حقوق الأجراء.

 

إن إعداد هذه المذكرة الاقتراحية يهدف الى تقديم مساهمة مدنية جادة وموضوعية للارتقاء بوضعية دور الطالب والطالبة، لما تمثله من أهمية كبرى فيما يتعلق بتعميم التعليم ومحاربة الهدر المدرسي والمساهمة الاجتماعية الكبيرة في توفير الايواء لأبناء المناطق القروية والنائية، ومواكبتهم وتأطيرهم على قيم المواطنة والانخراط الإيجابي في مسلسل التنمية سواء على المستوى المحلي او الجهوي او الوطني.

تتوجه هذه المذكرة الاقتراحية بالأساس الى كافة المتدخلين في دور الطالب والطالبة سواء المؤسسات المنتخبة او الفاعليين الجمعويين او المصالح الإدارية المختلفة او القطاع الخاص، وذلك قصد تنسيق الجهود وتوفير النجاعة المطلوبة لإنجاز وإنجاح مهام واهداف هذه المرافق الحيوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى