اخبار

اليوم العالمي للمحيطات مناسبة لتجديد الالتزام البيئي ببلورة توجهات جديدة

لعل أبرز ما قيل عن مكانة المحيطات على كوكب الأرض، مقولة الكاتب البريطاني، مؤلف “أوديسة الفضاء”، آرثر سي كلارك؛ بقوله إنه “من غير الملائم أن نسمي هذا الكوكب كوكب الأرض بينما الواضح أنه كوكب المحيط”.

تواجه المحيطات، اليوم، باعتبارها الرئة الزرقاء لكوكب الأرض، تهديدات غير مسبوقة، وبذلك يمثل الاحتفاء باليوم العالمي لها، كل سنة في 8 يونيو، فرصة مناسبة “لتجديد جهودنا بشكل جوهري”، وهو موضوع يطال عمق التحديات البيئية التي تواجه المحيطات.

إذ أن النظم البيئية البحرية في جميع أنحاء العالم تتعرض لتهديدات متزايدة، منها التلوث البلاستيكي، والصيد المفرط والتغيرات المناخية واختلال توازن التنوع البيولوجي، وهو ما ينعكس سلبا على العديد من أهداف التنمية المستدامة لعدة دول.

وفي رسالة بالمناسبة، سجل الأمين العام للأمم المتحدة أن التغيرات المناخية تتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحار، وتهدد وجود الدول الجزرية الصغيرة النامية وسكان المناطق الساحلية، حيث تبلغ درجات حرارة المياه البحرية مستويات قياسية، وهو ما يؤدي إلى حدوث ظواهر جوية قاسية يشعر الجميع بآثارها.

وقد كشف تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، حول حالة المحيطات لعام 2024 عن تضاعف معدل احترار المحيطات خلال 20 عاما، مشيرا إلى أن سنة 2023 شهدت أحد أعلى معدلات الاحترار التي لم يتم تسجيلها منذ الخمسينات.

ويعد هذا الاحترار سببا كبيرا في ارتفاع نسبة حموضة المحيطات، مما يؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية، وبالتالي تعطيل سلاسل الغذاء وتهديد السياحة والاقتصادات المحلية.

وحسب أرقام الأمم المتحدة، ينتج المحيط ما لا يقل عن 50 في المائة من الأكسجين الموجود في الأرض، وهو موطن لكثير من أحياء التنوع البيولوجي فيها، فضلا عن أنه المصدر الرئيسي للبروتين لأكثر من مليار إنسان في العالم. ويعتبر المحيط مفتاح الاقتصاد، حيث من المتوقع أن يعمل نحو 40 مليون فرد في الصناعات القائمة على المحيطات بحلول عام 2030.

ويؤكد الباحث والخبير في علم المحيطات لدى اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لليونسكو (COI/UNESCO)، ولدى مجموعة الخبراء الحكومية الدولية المعنية بتطور المناخ (GIEC/WGII)، كريم حلمي، أنه “بالإضافة إلى توفير الموارد الأساسية (الغذاء والطاقة والماء)، يساعد المحيط في مكافحة التغيرات المناخية من خلال امتصاص نحو ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تطلق سنويا في العالم”.

وفي ما يتعلق بالحكامة الدولية، أوضح الخبير، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه اللجنة التابعة لليونسكو تضطلع بدور تعزيز التعاون الدولي في مجال علوم البحار، من أجل تحسين إدارة المحيطات، والسواحل، والموارد البحرية.

وأوضح السيد حلمي أن “هذه اللجنة توفر إطارا للتعاون بين 150 دولة، من بينها المملكة المغربية، حيث تنسق برامج تهم تعزيز القدرات، ومراقبة المحيطات، وعلومها وخدماتها ، وأنظمة الإنذار المبكر ضد التسونامي…”.

وأضاف أنه على الصعيد الوطني، تلتزم المملكة بعدة مبادرات لصالح صحة المحيطات، لاسيما من خلال مبادرات تستهدف الشباب.

كما تم تنظيم أسبوع من الأنشطة التوعوية بأهمية المحيطات بمناسبة الاحتفاء بهذا اليوم، بما في ذلك زيارات للمواقع البحرية، ومحطات تحلية مياه البحر، ومزارع تربية الأحياء المائية، ومواقع إعادة تدوير النفايات في ثماني مناطق ساحلية في البلاد.

وتأتي هذه المبادرة في إطار عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة (2021-2030)، الذي أطلقته الأمم المتحدة، والذي تعد صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء راعية له.

وتنخرط مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بقوة في الأنشطة الوطنية والدولية لهذا العقد، باعتبارها عضوا مؤسسا لعقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة.

وأبرز الخبير في علم المحيطات أن “التزامات المملكة المغربية تضطلع بدور مهم للغاية كدولة عضو في اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لليونسكو، حيث تشارك بقوة في هياكلها الإدارية، ومجلسها التنفيذي، وتولت بين عامي 2019-2023 منصب نائب رئاسة المجموعة الخامسة (التي تضم البلدان العربية والافريقية)”، مشيرا إلى إنشاء لجنة وطنية لعقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات، يتم تنسيقها من قبل اللجنة الوطنية للثقافة والعلوم والتعليم.

وأضاف أنه قبل سنة وقع المغرب، أيضا، اتفاقية قانون البحار المتعلقة بالتنوع البيولوجي في المياه الدولية، وتتعلق بحماية المناطق الواقعة خارج المياه الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية الخالصة للدول الساحلية، وهو اتفاق تصفه الأمم المتحدة بـ”التاريخي”.

وتتيح هذه الاتفاقية التدخل في أعالي البحار التي تمثل أزيد من 60 في المائة من المساحة ، ونحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض، ويتيح، بذلك، العمل في المناطق البحرية الواقعة في أعالي البحار، وفي المياه الدولية التي لا تقع ضمن اختصاص الولاية الوطنية.

كما تطرق السيد حلمي إلى دور التكنولوجيات الحديثة في مجال علم المحيطات، إذ أكد إسهامها “المتزايد واللافت” في البيئة البحرية، خاصة بالنسبة للمراقبة الميدانية، وما تم استخلاصه من صور الأقمار الصناعية، والنمذجة البحرية التنبؤية، والنمذجة على المناخ، والتأثيرات على البيئة البحرية، مما يعزز فهمنا لها ونظمها البيئية ويجمع بين التوقعات واتخاذ القرارات الضرورية، مسجلا أنه “نظرا للتحديات البيئية المتزايدة وضرورة مواجهتها، فقد أصبح من اللازم إعادة تشكيل علاقتنا بالمحيطات وتبني نهج فعال لحمايتها”.

ويعكس تزايد الإجراءات العملية على الصعيدين الوطني والدولي الطابع الملح لهذه المسألة في ما يتعلق ببقاء البشرية وجميع النظم الإيكولوجية للكوكب.

كما يمكن للجميع المساعدة في ضمان مستقبل مستدام للمحيطات، سواء من خلال تبني ممارسات أكثر استدامة، أو دعم مشاريع الحفاظ على المحيطات، أو الدعوة إلى سياسات بيئية أكثر صرامة.

ميدمار ميديا جريدة إلكترونية مغربية تجدد على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى