اخبار

تزنيت : الندوة الوطنية للمدرسة العلمية العتيقة إكضي في دورتها الخامس أيام 23 و24 يوليوز

تحت شعار ” النبوغ الفقهي المغربي في خدمة المذهب المالكي: فتح الفتاح لابن رحال المعداني (1140هـ) أنموذجاً “، تواصل المدرسة العلمية العتيقة إكضي بتيزنيت برعاية من الرابطة المحمدية للعلماء اجتراح أسئلة الفقه والتاريخ و التصوف والمعرفة التي دأبت على أن يلتئم حولها مجموعة من الفقهاء والباحثين في ملتقاها الوطني ، والذي وصل اليوم الى دورته الخامس .

سياق اختيار ثيمة “النبوغ الفقهي المغربي في خدمة المذهب المالكي: فتح الفتاح لابن رحال المعداني (1140هـ) أنموذجاً”، يقول المنظمون، أنه يأتي تعزيزاً لثوابت المملكة المغربية المتمثلة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي وإمارة المؤمنين والتصوف السني، وتثميناً لجهود الرابطة المحمدية للعلماء التي يرعاها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله برعايته الكريمة، والتي ما فتئت تتحف الساحة العلمية والفكرية بإنجازاتها القيمة وإسهاماتها المرموقة، حتى غدت منارة علمية مشهوداً لها بالرصانة في الطرح الفكري، والضبط في التحقيق العلمي، والجودة والجمال في الطباعة والإخراج، وبلغ إشعاعها العلمي والفكري كل المعمورة، وأصبحت قبلة يحج إليها العلماء والمفكرون والباحثون من مختلف أنحاء العالم.

كما أن إصدار الرابطة المحمدية لموسوعة فتح الفتاح على مختصر الشيخ خليل لابن رحال المعداني يعد حدثاً تاريخياً غير مسبوق، حيث تعتبر هذه الموسوعة من أجل وأعظم الشروح المصنفة في المذهب المالكي بل في كل المذاهب على الإطلاق، وأوسعها استيعاباً للحواشي والاستدراكات والتحريرات الفقهية. وهي كذلك عمل يؤكد إمامة المملكة المغربية وريادتها في المذهب المالكي، ويبرز جهود علمائها ونبوغهم في خدمة المذهب والاجتهاد فيه عبر التاريخ.

كما تعتبر موسوعة فتح الفتاح كذلك مدونة للفتاوى والنوازل والأعراف والأقضية والأحكام بالمملكة المغربية الشريفة، حيث تبرز مدى غنى مذهبنا المالكي وتميزه في التعامل مع النوازل والمستجدات، وتنبئ عن مكانة علماء المغرب عبر التاريخ وعلو كعبهم في تنزيل الأحكام الفقهية، بما يتوافق مع أعرافهم وأحوالهم المكانية والزمانية، وبما يحقق مناطات الأحكام ويحافظ على مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة.

ولا يخفى أن موضوع هذه الموسوعة العظيمة يقع ضمن اهتمامات المدارس العلمية العتيقة، إذ إن من أبرز مقرراتها التعليمية في مجال الفقه المالكي مختصر الشيخ خليل، حيث يتدرج الطلبة في دراسة الفقه المالكي ابتداء من المرشد المعين للمبتدئين، ثم رسالة ابن أبي زيد القيرواني للمتوسطين، وانتهاء بمختصر الشيخ خليل للمتقدمين، والذي يقضي فيه الطلبة أكثر من أربع سنوات من مسارهم الدراسي.

مؤسسة إكضي العتيقة استطاعت أن تحظى بحيازة قصب السبق في استجلاب هذه الموسوعة الفقهية المالكية الضخمة، وعرض قضاياها العلمية ومذاكرة مضامينها الفقهية ومباحثتها مع نخبة من فقهاء المدارس العتيقة وطلبتها بمنطقة سوس العالمة، والتي تزخر بما يناهز مائتي (200) مدرسة علمية عتيقة، شكلت عبر التاريخ حاضنة للفكر الوسطي المعتدل، وحصناً منيعاً لحفظ المذهب المالكي خاصة وثوابت الأمة المغربية عامة.

ولا تزال هذه المدارس العتيقة تؤدي رسالتها النبيلة، والمتمثلة في تعزيز الهوية الوطنية، وبناء المعرفة الشرعية الصحيحة والفاعلة، تراعي في فهم الشريعة الإحاطة بمصادرها ومواردها وجزئيات نصوصها وكليات مقاصدها، وكيفية تنزيلها على واقع الناس بما يراعي خصوصيات المجتمعات ويحافظ على أمنها واستقرارها، ويتحقق به مقصد التيسير ورفع الحرج مصداقاً لقوله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.

هذا الموضوع الذي اختارته المدرسة العملية إكضي بتيزنيت، يكشف اللثام عن مجموعة من القضايا العلمية والقواعد الفقهية التي ينفرد بها مذهبنا المالكي، والتي ما زالت لم تستثمر في السياقات المعاصرة مع شدة الحاجة إليها في معاملاتنا اليومية، مثل قاعدة “الاكتفاء بالخبر عن النظر” والتي خرَّج عليها المالكية جواز بيع الغائب بالوصف، وبيع المغيب في الأرض، وبيع الدين، يقول الشيخ خليل عطفاً على ما يجوز من البيوع: وغائب ولو بلا وصف على خياره بالرؤية أو على يوم أو وصفه غير بائعه إن لم يبعد.

كما أن هذا العمل كذلك سوف يفتح آفاقاً جديدة أمام الدارسين والباحثين في الفقه المالكي، ويسهم في الرفع من مستوى التكوين الفقهي بالمدارس العتيقة بالمغرب، حتى تضطلع بتخريج الفقهاء المتمكنين، الذين يجمعون بين الرسوخ في النظر الفقهي المالكي أصولاً وفروعاً، وامتلاك آليات الاجتهاد التنزيلي أثناء التعامل مع وقائع العصر، ومستجدات الوقت محلياً وإفريقياً وعالمياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى