اخبار

حقيقة الإيمان: الخطبة المقترحة ليوم الجمعة 19 يوليوز 2024م

خطبة الجمعة: حقيقة الإيمان

الحمد لله، نحمده سبحانه وتعالى على نعمة الإيمان والإسلام، وكفى بها نعمة، ونشهد أنه الله الذي لا إله إلا هو، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، ومصطفاه وخليله، أرسله دليلا عليه، وداعيا بقوله وفعله وسلوكه إليه، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، ومن سار على نهجهم في الجهر والإسرار.

أما بعد، أيها الإخوة المومنون والأخوات المومنات، قال الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفعُ الْمُومِنِينَ﴾ [سورة الذاريات آلآية 55]،

ومما يجب التذكير به في بداية هذه الخطبة أن بيان مضمون الإيمان وبيان مضمون العمل الصالح من الأمور التي يهتدي بها المومنون والمومنات إلى الحياة الطيبة، وفق ما جاءنا في وعد الله تعالى ويكون ذلك إن شاء الله في خطب جُمعٍ متتالية علما بأن تبليغ الدين هو تبليغ للعلم من أجل العمل، إن الله تعالى لم يخلقنا عبثا، ولم يتركنا سدى، وإنما خلقنا لغاية، ويسر لنا سبل الهداية، ألا وهي إفراده تعالى بالعبادة، والإخلاص له في كل شأن وعادة، كما قال جل في علاه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالِانسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [ سورة الذاريات آلآية 56].

وهذا لا يتم إلا بالإيمان المكتمل والراسخ يقينا في قلب المومن والجاري صدقا على لسانه، الداعي إلى العمل بمقتضاه، في العبادات والمعاملات والسلوك، وليس مجرد قول باللسان، دون أن يرى أثره على باقي الجوارح في جميع التصرفات، كما قال الحق سبحانه مصححا لبعض الأعراب دعوى الإيمان، ومبينا لهم شروط الإيمان الصحيح: ﴿قَالَتِ الَاعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُومِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الايمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنَ اعْمَالِكُمْ شَيْئاً انَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم﴾ [سورة الحجرات الآية: 14]

فالإيمان المكتمل إذاً، إخوة الإيمان، هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، كما أثر عن عمر بن عبد العزيز حيث قال” إن للإيمان فرائض، وشرائع، وحدودا، وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان…، صحيح البخاري كتاب الإيمان باب بني الإسلام على خمس 1/10، يشير، رحمة الله عليه، إلى أن الإيمان ليس محصورا في اللسان أو في القلب، بل هو شامل لسائر تصرفات المسلم بدءا من عقائده وخواطره، وانتهاء عند آخر كلمة أو حركة يحتقرها المسلم كإماطة الأذى عن الطريق، وهذا هو المراد بشعب الإيمان الواردة في الحديث النبوي: “الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان” صحيح البخاري كتاب الإيمان باب أمور الإيمان 1/11، فتجلى بذلك أن الإيمان الحقيقي يتجلى في العمل والسلوك، ويرفع العادات لتصبح عبادات، فتندرج في مسمى الإيمان: الشامل للعبادات وبذل السلام ، والإيثار على النفس، وإطعام الطعام والنصح لكل مسلم والصدق في القول والعمل، وغير ذلك.

بارك الله لي ولكم في القرآن المبين، وفي حديث سيد الأولين والآخرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله إن الإيمان الحقيقي الذي ينشده كل مسلم ويطمح اليه كل مؤمن هو ما يحقق المعرفة بالله تعالى بالإيمان الجازم الذي ينتج في قلب المؤمن محبة الله تعالى واستحضار رقابته جل شأنه، ويثمر عملا صالحا في عبادته ومعاملاته وسلوكه، مصداقا لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ اصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاء تُوتِي أُكلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الَامْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [سورة إبراهيم الآيتين: 26- 27]

هذا مثل لشجرة الإيمان المنغرسة بجذورها في قلب المؤمن، والضاربة بأغصانها في أجواء معاملته وسلوكه، فيراه القاصي والداني، فيكون بذلك أقرب إلى الله وإلى الناس محققا لنفسه ولمن حوله السعادة الحقيقية والحياة الطيبة الموعودة لأهل الإيمان والعمل الصالح.

وهذا ليس ببعيد على من أخلص النية، وصدق مع الله ومع عباد الله، وألزم نفسه التقوى متمثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم “اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن”سنن الترمذي باب ماجاء في معاشرة الناس 4/355.

فاتقوا الله، عباد الله، وأكثروا من الصلاة والسلام على ملاذ الورى وشفيع الأنام، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على سيدنا محمد عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن آل بيته الطيبين، وصحابته الغر الميامين، وعنا معهم برحمتك وفضلك وكرمك يا رب العالمين.

وانصر اللهم من قلدته أمر عبادك، وبسطت يده في أرضك وبلادك، مولانا أمير المومنين صاحب الجلالة الملك محمدا السادس نصرا عزيزا تعز به الدين، وترفع به شأن الإسلام والمسلمين، وأقر عين جلالته بولي عهده المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة، إنك سميع مجيب.

وارحم اللهم الملكين الجليلين مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأكرم مثواهما، واجعلهما في مقعد صدق عندك.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا اللهم من الراشدين، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى