ثقافة

عالم أبو الفنون يتوشح بنص مسرحي ” سوق المداويخ ” للناقد الدكتور رشيد هيبا

توشحت الخزانة المغربية سنة 2024، بإصدار جديد تحت عنوان ” سوق المداويخ ” من تأليف الناقد الدكتور رشيد هيبا؛ طبع وتصميم مطبعة آنفو بفاس.
والكتاب من الحجم المتوسط، ويقع في 199 صفحة؛ من تقديم الدكتور المختار النواري والدكتور رشيد هيبا؛ مؤلف الكتاب. و يتمحور حول خمسة مشاهد مسرحية.
وفي هذا يقول المؤلف: ” النص المسرحي أساسه ” فن الحلقة “، وتدور أحداث هذا النص المسرحي في أحد الاسواق. إذ ينبعث الشاعر ابو العلاء المعري من الماضي ليلتحم بقضايا عصر جديد. رغم أنه اختار الإقامة الطوعية في بيته لمدة تصل الى خمسين سنة. ليجد نفسه مشاركا وشاهدا على زمان يشبه زمانه، حيث ينخرط في تنشيط حلقات البطل المحوري في النص المسرحي “يقظان”رفقة “الخنساء “، إضافة إلى الفقيه والقاضي أبو عامر الضبعي.
لتتحول أدوار هؤلاء الأبطال الرئيسيين من حلقة إلى أخرى رى بحسب سياقات تاريخية وثقافيا متنوعة. فالأسماء والأماكن في هذا النص المسرحي تأخذ أبعادا رمزية. وهي ذات حمولة عميقة الدلالات، تتطلب من المتلقي الإلمام بكثير من جوانب التاريخ العربي القديم خصوصا العصر العباسي وعصر المماليك وكذا العصر الحديث. لأن هذا الامر داخل النص المسرحي يؤدي إلى إحداث مقارنة بين الماضي و الحاضر والمستقبل.
فالمسرح كفن راقي له علاقة وطيدة مع التاريخ والشعر والفلسفة والتصوف … وسوق المداويخ في هذا النص الطريف يجمع بين التراجيديا كفن والكوميديا السوداء التي تنهل من معين التاريخ العربي.
كما أن ن سوق المداويخ هو سوق عام ومكان تجتمع فيه جدية التجارة وعبثية فن الحلقة.. وهو سوق غير ثابت ويمكن أن يكون في أي لحظة من لحظات التاريخ العربي المأساوي.
خلاصة الأمر أن هذا النص المسرحي ينتقل من خلال رؤية فنية يتكلم فيها الواقع والخيال، وبين المتلقي الذي سيعيد قراءة بنية التاريخ العربي من منظورات مختلفة “.
وعن تقديم الكتاب، كتب الناقد الدكتور المختار النواري:
” ما بين الفلسفة أم العلوم والمسرح أب الفنون، تمتد شجرة الفكر الإنساني، وارفة الظلال، ممتدة الأثار، قوية الأصول، ثابتة الجذور، متعددة الفروع، تتشابك عبرها تفرعات الفكر، بمختلف أشكاله، وأبهى ألوانه.
والمسرح لا يكون مسرحا إلا حينما يمثل هذا التصور، ويرسخ هذا المنحى، فما الأجساد، ولا الأضواء، ولا الأثاث، ولا الموسيقى، ولا الأزياء، ولا اللغة، إلا وسيلة لتقديم الفكر ممسرحا، ولغاية فلسفية، يخطط لها كاتب المسرحية.
ويدسها بين هذا وذاك، ويقدم أجزاءها وصورها آنا بعد آن. وخلال مشاهد المسرحية كلها، فتكتمل بجمع شتاتها، ولملمة فتاتها، وربط خيوطها، وضم أصولها، واتضاح منحاها، و اجتلاء معناها، وتضام مبناها، وتجلي َغزاها.
ومسرحية سوق المداويخمن هذا الصنف، ولذلك مظاهر تجليات، ومشاهد وتحققات، سنحاول الكشف عن بعضها في هذا التقديم.
إنها مسرح يقوم على المسرح، وحكاية تنبع من الحكاية، و شخصيات تخلخل ثوابت الزمان وتختصرها، وتقفز على حدود الزمان، و تحطم منطق الجغرافيا، وتنبع في كل محيط.
مسرح يقدم شخصيات مجنونة بغير جنون. وعاقلة بغير عقل، وأخرى مخبولة بهلوسات حكيمة. وحكيمة تصرفات معربدة، وصامتة تتحدث بمظاهر موشية مصرحة، وتعبر بحركاتها الخفية الملحمة، وتشي بغير ما قالت، وتقول غير ما تريد. ” ص ٣
وعلى ظهر الكتاب “… الفكرة تسكن في قرارة الروح، وفي لجة البحر، ومع أطياف النسائم لا يستطيع المرء قول كل شيء، فالكلمات جفت منابعها، والأسواق ضجت بحشودها الجوفاء، حتى أضحت الطرقات مرتعا للبلاهة، أو الصمت الأخرس… ”
وتجدر الإشارة أن مؤلف هذه الملحمة المسرحية تجلياتها الإبداعية والفلسفية، مزداد بالعاصمة العلمية فاس، حاصل على شهادة الدكتوراه سنة 2005 في الآداب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، مهتم بالدراسات والتراث المغربي، وعضو مركز الدراسات المغربية الأندلسية بجامعة ظهر المهراز فاس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى