اخبار

“طفولة تندوف” تدفع ثمن الاستغلال السياسي وانتهاكات القانون الدولي

في ضرب صارخ لأبسط حقوق الأطفال المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقية الدولية، تستمر جبهة البوليساريو في المتاجرة ببراءة أطفال تندوف، دون سن التمييز، بعدما تاجرت وتتاجر بمآسي عائلاتهم المحتجزة في “مخيمات الرابوني”، على مرأى ومسمع من الجزائر التي ما فتئت تدعي التزامها بالقانون الدولي الإنساني.

تجارة تنشط عائداتها خلال فترة العطل الصيفية، إذ تقوم الجبهة الانفصالية بإرسال عشرات أطفال المخيمات لتمضية عطلتهم لدى عدد من الأسر الأوربية في إطار ما يسمى “برنامج عطل في سلام”، الذي تشرف عليه قيادة الجبهة بالتنسيق مع ما تسمى “جمعيات التضامن مع الشعب الصحراوي”، ومن ثم استغلالهم سياسيا للترويج للأطروحة الانفصالية والتأثير في عواطف الأسر المستقبلة، وأيضا تسول المساعدات الإنسانية والاغتناء على حساب براءة الطفولة.

انتهاكات في حق الطفولة
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن “برنامج عطل السلام منذ تأسيسه من طرف الحزب الشيوعي الإسباني سنة 1979 مازال أحد أهم الوسائل التي تلجأ إليها البوليساريو لاستعطاف الأسر الأوربية والإسبانية على وجه الخصوص، عن طريق المتاجرة بأطفال مخيمات تندوف وعرضهم للتبني بهدف التأثير في مواقف الأسر الأوربية التي تحتضنهم”.

وأوضح المتحدث ذاته أنه “في كثير من الأحيان يتم استغلال تمضية أطفال المخيمات العطل في بلدان أوروبا لأجل عرضهم للتبني واستقرارهم بشكل نهائي لدى الأسر الأوربية، ولكن أيضا لأجل تلقينهم عن كثب الأطروحات الإيديولوجية الراديكالية وتحريضهم على العنف وتلقينهم خطابات الكراهية ضد المغرب”.

“عمليات التسفير والتهجير التي يتعرض لها الأطفال ينجم عنها عزلهم عن أسرهم، وبالتالي تلقيهم تنشئة اجتماعية بعيدة كل البعد عن قيم المجتمع الصحراوي الحساني المغربي”، يضيف عبد الفتاح، مردفا: “هذا ما يجعلهم عرضة للاغتراب، كما يواجهون صعوبات كثيرة في الاندماج داخل المجتمعات الأوربية، إلى جانب حرمانهم من التواصل مع أسرهم البيولوجية في كثير من الأحيان”.

وخلص المتحدث عينه، في تصريحه لجريدة هسبريس، إلى أنه “بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال مخيمات تندوف في إطار ما تسمى ‘عطل السلام’ فإنهم يتعرضون أيضا لمجموعة من الانتهاكات الممنهجة، في مقدمتها التجنيد الإجباري، مع ما ينجم عنه من تدريبات شاقة وعقوبات عسكرية، فضلا عن تشغيلهم في أعمال السخرة التي تجرمها الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الأطفال”.

ممارسة قديمة جديدة
إدريس قسيم، باحث سياسي، قال: “إنها ليست المرة الأولى التي تستغل فيها جبهة البوليساريو الأطفال في الترويج لأطروحتها. وقد سبق للمغرب أن نبه على مستوى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية إلى خطورة توظيف الأطفال في هذا النزاع المفتعل، والزج بهم في معارك وحسابات سياسية وعسكرية، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الطفل بشكل خاص”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “إرسال أطفال مخيمات تندوف إلى بعض الدول الأوربية، خاصة إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، لقضاء العطلة الصيفية، لا يعدو أن يكون حملة دعائية وبروباغندا تسعى من خلالها البوليساريو إلى لعب دور الضحية بهدف استدرار عطف منظمات المجتمع المدني في هذه الدول لجمع التبرعات والأموال وتوظيفها في نزاعها ضد المغرب”.

واصل قسيم بأنه “بالإضافة إلى هذه الاعتبارات السياسية والقانونية التي تجعل هذه العملية محل تساؤل وشك هناك اعتبارات اقتصادية، إذ تؤدي هذه العملية إلى خلق طبقة سياسية-اجتماعية تستفيد من العائدات والتحويلات المالية على حساب العائلات الفقيرة التي لا تملك أطفالا أو لا تحظى بفرصة إرسال أطفالها إلى هذه العطل”.

وخلص الباحث نفسه في تصريحه لهسبريس إلى “ضرورة تنبيه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وحقوق الطفل إلى أجندة هذه العطل التي لا تقتصر على ما هو إنساني، بل تتعدى ذلك إلى ما هو سياسي، خاصة أن برنامج العطل يتضمن شقا يتعلق بالنزاع وخلفياته، واستعمال الخرائط والصور في ما يشبه تكوينات عسكرية وليست عطلا ترفيهية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى