فيروس نقص المناعة المكتسب…ثلاثة أسئلة لرئيسة المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا نادية بزاد
على الرغم من أن الأبحاث والتجارب المتعلقة بفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب لداء السيدا، حققت نتائج مهمة وواعدة، إلا أنه لا يوجد لقاح يمنع الإصابة بعدوى الفيروس، ولا يوجد علاج شاف للمرض في الوقت الحالي نظرا للتركيبة المعقدة للفيروس.
وفي هذا الاطار، أجرت وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة السيدا (فاتح دجنبر من كل سنة)، حوارا مع رئيسة فرع المغرب للمنظمة الإفريقية لمحاربة السيدة نادية بزاد، لتسليط الضوء على الجهود التي تبذلها المنظمة على الصعيد الوطني للتوعية بأهمية الرعاية الذاتية في الوقاية من المرض، والوصول إلى الفئة الأكثر هشاشة، وتخفيف العبء على النظام الصحي، خاصة في وقت الأزمات الصحية.
1- بعد مرور 40 سنة على ظهور الحالات الأولى لنقص المناعة البشرية، لا يوجد لحد اليوم لقاح أو علاج للمرض، في نظركم لماذا عجزت الأبحاث والعلوم عن القضاء على مرض يمكن الوقاية منه ولكن من الممكن الإصابة به ؟
حققت الأبحاث والتجارب المتعلقة بفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب لداء السيدا، نتائج مهمة وواعدة، ويمكن القول إن المرض “لم يعد قاتلا ولكنه أصبح مزمنا”، حيث أثبتت مضادات الفيروسات قدرتها على السيطرة على انتشار الفيروس في جسم الإنسان، وفعاليتها في تقليل حالات الوفاة، وفي الحيلولة دون انتقال الفيروس من الأم الحامل إلى جنينها.
وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي أحرز في مواجهة الفيروس منذ إعلانه سنة 1988 من طرف منظمة الأمم المتحدة وباء عالميا، إلا أنه لا يوجد لقاح يمنع الإصابة بعدوى الفيروس، ولا يوجد علاج شاف للمرض في الوقت الحالي نظرا للتركيبة المعقدة للفيروس، مقابل ذلك، تضطلع الأدوية بدور مهم في السيطرة على العدوى والوقاية من مضاعفات المرض.
ويمكن القول إن فيروس نقص المناعة المكتسب ليس مرضا طبيا فحسب، بقدر ما يعد مرضا اجتماعيا، ونشير بهذا الخصوص إلى ضرورة وضع حد للوصم الذي يعاني منه الأشخاص الحاملون للفيروس داخل المجتمع، فعدم احترام حقوق الأشخاص المصابين بداء نقص المناعة المكتسب، يجعلهم في كثير من الأحيان يخشون الانخراط في حملات الكشف عن الداء، بحيث لا يوجد لحد اليوم شخص يستطيع الجهر بإصابته بالفيروس، لأن المجتمع لا يزال يرفض الحديث عن السيدا.
2 – ما هو دور المجتمع المدني في دعم الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب؟
يكتسي دور المجتمع المدني أهمية كبيرة في التواصل مع الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب، وكذا مع الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ونحن في المنظمة الإفريقية لمكافحة السيدا نقوم بالتكفل الطبي والنفسي والاجتماعي بالمصابين بالأمراض المنقولة جنسيا، وتكوين منشطين في ميدان الوقاية من هذه الأمراض، وإنشاء مراكز للوقاية والعلاج، ونوادي صحية داخل المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى تنظيم ورشات للتوعية وإنجاز وثائق وأشرطة ووسائط معلوماتية وإلقاء محاضرات للتحسيس بالعوامل التي تؤدي الاصابة بالمرض، وبحقوق الأشخاص المصابين بالسيدا على غرار ضمان الحق في التطبيب والحق في المعرفة.
وأسجل بهذا الخصوص التقدم الذي أحرزه المغرب في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني لمحاربة السيدا الذي يرتكز على مقاربة تقوم على التشاور والتعبئة واحترام حقوق الإنسان.
ولم يفت السيدة بزاد التأكيد على أن غياب تربية جنسية وإنجابية وعزوف وتأخر الشباب عن الزواج وعدم التوفر على معلومات صحيحة بخصوص مخاطر الإصابة بعدوى الفيروس، تجعل الشباب والمراهقين الفئة المعرضة بشكل أكبر لمخاطر العلاقات الجنسية غير المحمية، باعتبارها سببا رئيسيا في الإصابة بفيروس السيدا والفيروس المسبب لسرطان عنق الرحم.
وفي هذا الصدد، أكدت على الدور الذي يتعين أن تضطلع به المؤسسات التعليمية والأسر وجمعيات المجتمع المدني في التخلص من كافة الطابوهات والتطرق للمواضيع المتعلقة بالسيدا والأمراض الأخرى المنقولة جنسيا.
3 – كيف يتم تعزيز الرعاية الذاتية في ما يتعلق بمحاربة فيروس نقص المناعة المكتسب ؟
تقوم استراتيجية المغرب في مجال محاربة فيروس نقص المناعة المكتسب على الولوج الشامل إلى خدمات الوقاية والعلاج والدعم، وتضم مجموعة من الجوانب أولها التشخيص والعلاج (Tester et traiter) وتتبع المرضى الحاملين للفيروس، فعدد الأشخاص الذين يتعايشون مع (السيدا) في المغرب يقدر بحسب الإحصائيات التي قدمتها الوزارة الوصية ب 22 ألف شخص (بالغين وأطفال) نهاية عام 2020.
وحسب التقرير الوطني حول داء السيدا لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية الصادر في شهر مارس 2022، تم إنجاز 275.439 كشف لداء السيدا سنة 2021 مقابل 300.640 سنة 2020 . ووفق نفس التقرير، فإن 82 في المائة فقط من حاملي الفيروس هم على علم بوضعيتهم المصلية.
وانطلاقا من هذه المعطيات، نعمل داخل المنظمة الإفريقية لمحاربة داء السيدا من أجل البحث عن الأشخاص الذين يجهلون حملهم للفيروس من خلال تنظيم قوافل للتشخيص وللتحسيس، وذلك بهدف دمجهم في برامج العلاج، فواقع الحال يفرض التوعية بأهمية الرعاية الذاتية التي تكتسي دورا أساسيا في الوقاية من المرض، والوصول إلى الفئة الأكثر هشاشة، وتخفيف العبء على النظام الصحي، وخاصة في وقت الأزمات الصحية.
كما أن إشراك جميع المتدخلين من أجل تعزيز الرعاية الصحية الأولية، من أطباء الصحة العامة، والصيادلة في الرعاية الذاتية في مجال الصحة الجنسية يعد وسيلة واعدة لتحسين صحة الأفراد، وذلك من خلال تقديم النصائح وتعميم العلاج في المراكز الصحية لمرضى السيدا، شأنها في ذلك شأن أمراض أخرى كالسل والملاريا.
المصدر .. ومع