نحو إحداث مناطق صناعية، جهة كلميم وادنون تخطو بثبات لتصبح قطبا اقتصاديا تنافسيا
تخطو جهة كلميم وادنون بثبات نحو مواكبة الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المملكة، وذلك من منطلق رؤية ترتكز على تثمين هذه الجهة وجعلها قطبا تنافسيا للجذب الاقتصادي بالنظر إلى ما تزخر به من مؤهلات كبرى طبيعية واقتصادية وبشرية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي كحلقة وصل بين شمال المملكة وجنوبها. وانخرطت الجهة خلال السنوات الأخيرة، في إنجاز وإطلاق العديد من الأوراش والمشاريع الكبرى والمهيكلة تروم في مجملها تعزيز وتقوية بنيات تحتية متقدمة وإرساء أرضيات صناعية واعدة ومنصات استقبال للمستثمرين لاسيما وأن الجهة أصبحت الآن تستقطب مشاريع تتعلق بالطاقات المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر. ويعتبر النهوض بالبنية التحتية الموجهة للاستقبال أحد العناصر الأساسية للاستراتيجية التي اعتمدتها الجهة لتحسين الجاذبية الاقتصادية للمجالات الترابية لتصبح هذه الجهة أحد الأقطاب الاقتصادية المهمة بالمملكة، فمواكبة الدينامية الاقتصادية وكسب رهان التصنيع وجذب استثمارات في مجال الطاقات المتجددة، وتحسين مناخ الأعمال، تعد من أبرز المحاور التي شكلت أهدافا استراتيجية ليس فقط في إطار برنامج التنمية الجهوية 2022-2027 وإنما أيضا في إطار أولويات مشاريع وبرامج مجلس الجهة الذي يدعم المبادرات الرامية إلى إحداث مناطق صناعية وأنشطة ذكية ودعم المقاولات وخلق فرص الشغل والثروات. ولأجل ذلك، وقعت جهة كلميم وادنون، مؤخرا، اتفاقية شراكة إطار بقيمة 300 مليون درهم، لتمويل إحداث وتطوير مناطق للأنشطة الاقتصادية بمختلف أقاليم الجهة (كلميم، أسا الزاك، سيدي إفني، طانطان)، وهي الاتفاقية التي صادق عليها مجلس الجهة خلال دورته العادية لشهر يوليوز 2024. في هذا السياق، أكدت رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون، امباركة بوعيدة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن من بين الاختصاصات الذاتية للمجالس الجهوية هو خلق مناطق للأنشطة الاقتصادية التي تعتبر بينية تحية مهمة لجذب الاستثمار داخل المجال الترابي وإحداث فرص الشغل، ومن هنا ينطلق اهتمام جهة كلميم وادنون وتطلعها إلى مواكبة الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المملكة. ولهذه الغاية، تضيف السيدة بوعيدة، وقعت الجهة اتفاقية إطار مع وزارة الصناعة والتجارة من أجل تمويل إحداث وتطوير مناطق للأنشطة الاقتصادية بجميع أقاليم الجهة، ويتعلق الأمر بكلميم ب 100 هكتار بما فيها اقتناء وإعادة هيكلة منطقة الأنشطة الاقتصادية المسماة “كاكتوبول (Cactopole) بجماعة أسرير والتي كانت تتواجد على مساحة 25 هكتار في إطار المخطط المعماري للإقليم وانطلقت بها أشغال التهيئة آنذاك لكن هذه الأشغال توقفت مما حدا بالجهة إلى اقتناء هذا الوعاء العقاري ليصل إلى 100 هكتار حاليا. كما يتعلق الأمر بتخصيص 80 هكتارا بإقليم سيدي إفني، و45 هكتارا بالنسبة لإقليم آسا الزاك، واستكمال إنجاز منطقة النشاط الاقتصادي للوطية والممتدة على مساحة 65 هكتارا حيث تم تحديد الوعاء العقار المخصص لها والشروع في تهيئتها بشراكة مع الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب التي فتحت مندوبية جهوية لها بكلميم في فبراير 2024. وأبرزت أن الهدف من كل ذلك هو توطين مناطق للأنشطة الاقتصادية بكافة أقاليم الجهة في إطار العدالة المجالية إذ سيتم تحديد الوعاء العقاري لعدد من هذه المناطق الصناعية، مؤكدة، بهذا الخصوص، أن مجلس الجهة بصدد إعداد اتفاقيات خصوصية سيتم عرضها على أنظار المجلس للمصادقة عليها من أجل العمل على تهيئة هذه المناطق لاستقطاب الاستثمارات. وقالت السيدة بوعيدة، إن رؤية الجهة هي واضحة وتنزيلها على أرض الواقع واضح أيضا من خلال شراكات قوية حيث تجاوزت نسبة التعاقد 80 بالمائة عبر ضمان التمويل لأن مجلس الجهة يتوفر على إمكانيات تمويل داخلية وخارجية مما يمكن من تسريع وتيرة الاشتغال والإنجاز، ولذلك فإن الجهة تخطو، اليوم، خطوات إلى الأمام من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى وهو خلق دينامية اقتصادية وأن تكون من الأقطاب الاقتصادية المهمة التي تفتخر بها المملكة. واعتبرت أن المدخل الأساس لعمل مجلس الجهة هو الاشتغال على تقوية العرض الاقتصادي داخل الجهة لأن عملية استقطاب أي مستثمر تستوجب توفير عرض مجالي جاذب يتمثل في البنية التحتية وهو ما تتوفر عليه الجهة، فهناك مطارات وموانئ والطريق السريع تزنيت-الداخلة، وأيضا شبكة طرقية مهمة تربط ما بين جميع أقاليم الجهة، وهذا كله، تضيف رئيسة الجهة، يندرج في إطار تقوية البنية التحتية وبالتالية تقوية الجاذبية لأن الغاية من استقطاب أي مشروع صناعي هو خلق فرص شغل وقيمة مضافة اقتصادية وأيضا رفع الناتج الداخلي الخام وبالتالي تقليص معدل البطالة بالجهة. ولأن العرض الصحي يبقى هو الآخر جد مهم من أجل تقوية الجاذبية الاقتصادية، انخرطت الجهة، تضيف السيدة بوعيدة، في شراكة مهمة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تروم تجهيز المستشفيات والتعاقد مع أطباء وبناء وتجهيز مستشفيات للقرب، وكذا الرفع من مستوى مشروع المستشفى الجهوي بكلميم إلى مستشفى جامعي، كما تم افتتاح كلية للطب والصيدلة بنفس المدينة. وتابعت أن التعليم العالي والتكوين المهني هو أمر مهم باعتبار أن جذب الاستثمارات يتطلب، بالإضافة إلى البنية التحتية، موارد بشرية، وهما عنصران أساسيان يشتغل عليهما المجلس الجهوي من أجل الدفع بالجاذبية داخل الجهة. وأشارت إلى أن كل هذه المشاريع تندرج ضمن برنامج التنمية الجهوية 2022-2027 الذي تمت المصادقة عليه في يوليوز 2023، والذي يتضمن غلافا ماليا يتجاوز 11.6 مليار درهم لتنفيذ أكثر من 96 مشروعا التي تشمل بالإضافة إلى هذه المشاريع، تعزيز الخطوط الجوية، ودعم الاقتصاد الاجتماعي، وكذا الطاقات المتجددة لاسيما الهيدروجين الأخضر بالنظر لما تتوفر عليه الجهة من مؤهلات كبرى طبيعية وبشرية وجغرافية تفتح لها مستقبلا واعدا في هذا المجال. وأكدت أن الدفع بالطاقات المتجددة يتطلب تقوية البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية وعلى رأسها الصحة والتعليم بما فيه التعليم العالي والتكوين المهني، مضيفة أن برنامج التنمية الجهوية يتضمن مشاريع تهم الطاقات المتجددة منها إحداث معهد المعادن بجماعة أسا الذي أعطيت انطلاقة أشغال إنجازه، الأسبوع الماضي بمناسبة تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش المجيد، إلى جانب مدينة المهن والكفاءات التي هي في طور الإنجاز بكلميم، إلى جانب معاهد للتكوين المهني بطانطان، ومدرسة العلوم التطبيقية بسيدي إفني. وبخصوص نوعية الأنشطة الاقتصادية التي ستحتضنها المناطق الصناعية بالجهة، أوضحت السيدة بوعيدة أنه بالموازاة مع المرحلة الأولى المتعلقة بتوطين هذه المناطق الصناعية بمختلف أقاليم الجهة، يتعين أن تكون هناك دراسة لنوعية الأنشطة التي ستحتضنها هذه المناطق، مؤكدة أنه سيتم إعطاء الأولوية للاقتصاد المحلي من خلال قطاعين هما الصيد البحري والفلاحة عبر اعتماد الصناعة التحويلية، وأيضا الاهتمام بالطاقات المتجددة عبر تصنيع الآليات المرتبطة بهذا المجال، مع التفكير في خلق منصة صناعية مصغرة متخصصة في الهيدروجين الأخضر عبر استقطاب مشاريع واعدة صغرى جديدة في ميدان الطاقات المتجددة.