نساء يكابدن قساوة المحار من أجل إعالة اسرهن وتحقيق إستقرار إجتماعي
استطاعت العديد من القرويات بفضل طموحهن ورغبتهن القوية تحدي الفقر، وتحقيق اكتفاء ذاتيا ساهم بدوره في خوضهن غمار التجارة في عالم المعارض والأسواق من خلال انخراطهن في تعاونية نسوية للمحار، بعدما كن يعانين قساوة البرد وصعوبة جمع وتقشير ما يسمى “بوزروك “. منهن فتيات في مقتبل العمر واخريات في كبر سنهن ، تحدين كل الصعاب من اجل الحصول على بعض المال لتغطية مصاريف حياتهن لتصبح تعاونيتهن بعد العناء والشقاء التعاونية الوحيدة على الصعيد الافريقي التي اتيحت لها رخصة البيع من خلال احترامها لمعايير الجودة. وحسب شهادات رئيستها فاضمة الركراكي.
السيدة فاضمة الركراكي رئيسة التعاونية النسوية للمنتوجات البحرية مند احداثها سنة 2007، وهي اول امرأة تدخل عضو في غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى لاكادير ، وفي اطار دعم التسيير المستدام وتثمين المنتجات البحرية بدعم تقني ومالي من طرف عدد من الشركاء بالمغرب وخارجه تم تأسيس التعاونية، التي ترمي الى تثمين المنتجات البحرية عبر معالجة بلح البحر وتجفيفة وإعداده للتسويق وفق نظم صحية وجودة عالية ، وقد حازت التعاونية على جائزة التعاونية النموذجية خلال الدورة الثالثة لفعاليات اليوتيس سنة 2015.
وتهدف التعاونية النسوية للمنتوجات البحرية الدويرة التي تأسست سنة 2007، تقول فضمة الكراكي ، ان التعاونية جاءت من أجل تحسين الدخل لنساء الدوار، مع إعطاء قيمة مستحقة للمنتوج، وإخراج المرأة القروية من قوقعة العزلة والتهميش، الى جانبه تقوم التعاونية على تأطيرهن وتكوينهن ودعمهن لبيع منتوجاتهن بأسعار مناسبة، وبحكم المنطقة سياحية وشاطئية الهدف الاسمي حسب الكراكي هو التعريف بها من خلال منتوج ” بوزروك ” الذي هو مصدر ساكنة الدوار، وتقول ان التعاونية ذاع صيت منتوجها داخل وخارج أرض الوطن ، حيث كسبت زبناء وضعوا تقثهم فيها وأصبحوا يقبلون على محارها لجودته وأصبحت التعاونية حسب تصريح فاضمة تضمن لنفسها موقعا بين التعاونيات ما أهلها لتكون عضوة في غرفة الصيد البحري. كما استطاعت التعاونية الى تمكين النساء من التعرف على حقوقهن والتزاماتهن داخل التعاونية.
وتشير السيدة الكراكي ان المنخرطات داخل التعاونية هن 23 امرأة ، يضمن دخلا قارا يساعدهن على مصاريف الحياة اليومية ، وبالتالي تغيرت حياتهن الى الأفضل رغم انهن تجنين أرباحا متفاوتة حسب كميات انتاجهن الا انهن متفائلات وطموحات للعطاء أكثر. وتضيف أن من بين أهدافها ايضا تثمين المنتوجات البحرية عن طريق الترخيص الصحي وإنعاش وتشجيع التعاونية ومنتجاتها.
وفي تصريح لاحد الزبناء في المنطقة يقول : ان التعاونية ساهمت في تحسين الظروف المعيشية لمنخرطيها ومكنتهن للدخول في عالم التجارة المربحة ، حيث مكن دخلهن المادي الى تغيير حياتهن وأصبحن يساعدن ازواجهن في الاحتياجات المنزلية.
شهادات
فاطنة، وخديجة، وسعدية، وعائشة وغيرهن من نساء التعاونية، اعمارهن مختلفة، لباسهن عريض يقمن في الصباح الباكر ويرتدين ملابسهن ويحملن سلات ويتجهن صوب شاطئ دويرة القريب من مكان سكناهن والقريب كذلك من مقر الجمعية التي هي منطلقهن ، فكل واحدة منهن تتمنى ان يحالفها الحظ لتجمع اكبر قدر من ” بوزروك ” لانه مورد رزق بالنسبة لهن .
نساء يكابدن قساوة الإنتاج من أجل عالة اسرهن وتحقيق إستقرار إجتماعي
واعتبرت ” عائشة ” البالغة من العمر 45 سنة، ان التعاونية تأمن لهن دخلا قارا ، رغم ان “بوزروك” ، أي المحار مراحله جد صعبة ، خاصة في أيام الشتاء و البرد القارس ، وتقول ما إن تصل البحر ومعها معداتها اليدوية التي تتكون من سكين وملعقة، وسطل، وتلتقي مع باقي النساء وتتقاسم العمل معهن كما تستأنس بهن طوال الوقت الذي تقضيه هناك، ويتقاسمن همومهن اليومية ومعاناتهن داخل البيت وخارجه، وتقول أنها لاتحس بانتهاء الوقت، تؤكد ان ظروفها المادية دفعتها إلى العمل من اجل مساعدة زوجها الذي يعمل أيضا في البحر.
سعدية: أم لثلاثة أطفال أكبرهم سنا عمره 12 سنة، تعيش في منزل عائلة زوجها المتوفى في البحر، ظروفها القاسية جعلتها تكابد المصاعب من اجل لقمة العيش، حيث تقضي الصباح بطوله في البحر لتجمع اكبر كمية ممكنة من بوزروك، فلا تتوقف فقط عند جمعه وإنما عليها نقله إلى مكان قريب من الشاطئ لصلقه في برميل كبير لكي يسهل لها إزالة اللب عن القشر، وبعد تصفيته وغسله جيدا لتنقله إلى معارفها وزبائنها من اجل بيعه واستثمار المال المحصل عليه في شراء ما يلزم بيتها وأبنائها في اليوم نفسه.
وتقول سعدية بأن المال الذي تحصل عليه من بوزروك لا يكفي لتغطية المصاريف الضرورية لبيتها ولا لأبنائها، مشيرة انها لا تجد صعوبة العمل في ” بوزروك ” خلال فترة الصيف، لان الجو يكون دافئا ومناسبا، لكن في فصل الشتاء تكون العملية جد قاسية لدرجة أنها أصبحت ألان تحس بهشاشة مفاصلها التي تؤلم بسبب برودة مياه البحر، وبرودة الطقس ، ورغم صعوبة الظروف فهي تضطر إلى مواصلة البحث عن بوزروك لإطعام أطفالها.
بوزروك ملاذ الهاربات لمواجهة دواير الزمان
بالرغم من قساوة البرد وصعوبة اقتلاع بوزروك من الصخور، إلا أن بعض النسوة كن أكثر إلحاحا في التنقيب عنة، وندرته في بعض الأيام تجعل ثمنه باهضا تقول احد النسوة ” الزمان هو لي خلني نجمع بوزروك، “حيث لوقت صعيبة ” عمل جعلها تفقد صحتها الجسدية، وشطف العيش وقوت أبنائها وزوجها طريح الفراش تحب أن تبيع بوزروك نظرا لصعوبته وكيفية استخراجه من قوقعته الأصلية ليتم بعد ذلك طبخه جيدا تم غسله وتنشيفه في الشمس، تم تقوم بوضعه في بلاستيك صغير الحجم و ببيعه في الأسواق أو جنيات الطرقات مع اطفالها ، والكمية الصغيرة تقريبا كيلو غلرام سعرها خمسون درهما الى ستون درهم في بعض الأحيان، وجودته هي التي تقيم ثمنه. عندما يكون ” بوزروك ” متوفرا بكثرة ويكون الجو مساعدا على جمعه تكون ارباحه أكثر حسب الكمية التي تستطيع جمعها في اليوم، رغم أنها لا تتقن التحدث بالدرجة، إلا أنها تمزج بين اللغة الامازيغية مع بعض كلمات اللغة العربية، ولا تبالي لسخرية البعض من الزبناء من ركاكة لغتها، إلا أنها تواصل البيع من اجل الحصول على بعض الدراهم لجلب عشاء ابناءها.
ماهي المراحل التي يتم بها “بوزروك
يجتمعن النساء على الساعة السادسة صباحا بمقر التعاونية، يرتدين لباسا واقيا من قساوة البرد ويا خدن لوازمهن ومعدات العمل، ثم يتفرقن إلى مجموعات حسب وضعية البحر، يقمن بجمع ” بوزروك ” الذي يتطلب وقتا وجهدا كبيرا،، فأثناء جمعه تكون المرأة متخوفة لمخاطر البحر الذي يكون في بعض الأحيان هائجا، وبعد إقلاعه من جدوره تأخذه إلى مكان هادئ من هيجان البحر لغسله وتصنيفه فتأخذ الكبير منه وتترك الصغير ليكتمل نموه، ثم تحمله إلى مقر التعاونية، ليتم وزنه ووضعه في غرفة التبريد، تتركة مدة ساعتان في راحة تم تعيد غسل المنتوج جيدا وطبخه في الماء ثم فصله من قوقعته ليتم تنظيفه مرات عديدة لتنقيته من رمال البحر، وفي مرحلة ما قبل الأخيرة يتم تنشيفه ويوضع في الشمس تحث غطاء شفاف يسمح بمرور أشعة الشمس، ويمنع وصول الغبار إليه، وهي طريقة يبقى بها بوزروك صالحا للأكل ومحافظا على مكوناته الطبيعية ، وفي الأخير يتم تصنيفه إلى أجزاء متساوية في بلاستيكات ليتم بيعه في التعاونية او عند بعض الزبناء اللذين يتعاملون مع التعاونية.
الهيكلة وحب العمل الفردي معيقين يعترضان تطور التعاونية
تعيش التعاونية النسوية للمنتجات البحرية مشاكل عدة أولها رفض النساء لفكرة التعاونية وفضلن العمل بدون تقنين ولارقيب بطريقة عشوائية، غياب الوعي وكثرة الأمية غالبا في صفوف النساء ، لآن أغلب الساكنة يعيشون في وضعية الفقر والهشاشة، إلى جانب غياب دور الأحياء والجمعيات النسوية، و بالإضافة الى مشكل التسويق.
بقلم حنان كرامي