اخبارمجتمع

نعيمة الفتحاوي .. ثقافة المساواة بين الجنسين في ومن خلال المنظومة التربوية

مداخلة النائبة نعيمة الفتحاوي في اليوم الدراسي حول: ثقافة المساواة بين الجنسين في ومن خلال المنظومة التربوية لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب بتنسيق مع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب يوم الثلاثاء 27 دجنبر 2022.

يكتسي الموضوع الذي تم اختياره لهذا اليوم الدراسي، وهو “ثقافة المساواة بين الجنسين في ومن خلال المنظومة التربوية” أهمية قصوى في الوقت الحاضر ويظل أَحَدَ الانشغالات الأساسية لبلدنا إذ يحظى بالعمل والتتبع والتقييم المستمر، وذلك وفق منهجية ترابط وتكامل بين العلاقات والأبعاد التربوية والثقافية والحقوقية والسياسية والاجتماعية والتنموية لبلادنا.

وقبل الحديث عن المساواة بين الجنسين في ومن خلال المنظومة التربوية لابد من التذكير بأن الإطار التشريعي في المغرب يشكل أرضية ملائمة لتعزيز المساواة بين الجنسين وعدم التمييز على أساس الجنس، فقد جاء دستور المملكة لسنة 2011، باعتباره القانون الأسمى للبلاد، ليَحْظُر “كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”، كما أن مقتضياته نصَّتْ على مبدإ المساواة في الحقوق بين الجنسين بما فيها الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية (الفصل 19 ) وحق السلامة الجسدية والمعنوية (الفصل 22 ) وكذا مبدأ المناصفة من خلال إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز (الفصلين 19 و164) حيث تم اعتماد قانون متعلق بهذه الهيئة سنة 2017.

كما اعتمد المغرب سنة 2015، مشروع قانون الموافقة على البروتوكول الاختياري الملحق لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وفي هذا الاتجاه، شكَّلت مدونة الأسرة في المغرب منعطفا حقيقيا في تاريخ التشريع في بلادنا، وقفزة نوعية في مسار تعزيز حقوق المرأة والطفل، حيث تم تغيير بنود قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة والطفل، خصوصا فيما يتعلق بحقها في الزواج والطلاق والولاية والحضانة. ومنح الأم المغربية الجنسية لأبنائها من زوج غير مغربي.
وتعتبر التوجيهات الملكية محركا قويا لتحديث المجتمع المغربي ، اذ نسجل ومنذ اعتلاء جلالته العرش ارتياحا لإرادة جلالة الملك القوية، قصد الارتقاء بحقوق النساء واعمال المساواة الفعلية تماشيا مع دستور البلاد وما وقع عليه المغرب من اتفاقيات دولية في هذا السياق.

تأتي المدرسة في مقدمة المؤسسات التربوية ذات الاهتمام بالمهام الثقافية من خلال مداخلها المتعددة والمتنوعة، ويقع على عاتق النظام التربوي في أي مجتمع مسؤولية كبيرة في إحداث التغيرات المرغوب فيها وتغيير أدوار الأفراد بما يتلاءم وتطورات الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع نفسه. ومن أدوارها أن تتكلف بتنفيذ العملية التربوية بطريقة واعية وفقاً للأهداف والبرامج التي وضعت من خلال مناهجها، فهي تُسهم في تحديد الخطوط الرئيسة لشخصياتهم والسمات البارزة لهم والتي تسمح بتكوين الصورة المميزة للأفراد وذلك حسب أدوارهم.

لا ننكر أن هناك مجهودات بُذلت في بناء البرامج والمناهج التعليمية لمواكبة المستجدات التي يعرفها المجتمع؛ وتطور ورقي أي مجتمع بات يقاس بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للفرد ذكرا وأنثى ومساهمتهما الفعالة في البناء الحضاري للمجتمع، فالمجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية ويؤمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعاً قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني.

للمرأة مكانة كبيرة في دفع عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فالمدرسة بمناهجها وكوادرها مؤسسة اجتماعية تسير حسب التوجه الأيديولوجي السائد في المجتمع، وفي مضمون الكتاب المدرسي، إذ تبرز نماذج وأمثلة ثقافية معينة تؤدي إلى تغذية التلاميذ وصقلهم تربويا في الاتجاه الفكري المنشود، الأمر الذي يضعنا أمام إشكالات تتعلق بمكانة المرأة في الخطاب المدرسي ومدى التحيز لإحد الجنسين؟ وبالتزام الكتب المدرسية بقيم مقاربة النوع وعدم إعادة إنتاج المكانة النمطية للمرأة داخل المجتمع؟ وعن تضمين الكتب المدرسية قيم المساواة باعتبارها مدخلا لقيم العدالة والإنصاف بين الجنسين

ومن أجل بلوغ هدف تكافؤ الفرص المدرسية، يجب على المدرسة أن توفر للجميع شروط المساواة في سيرورة امتلاك الضروريات ودعم المكتسبات، وذلك كي يتسنى لكل متعلم بغض النظر عن الفروق الجنسية والعرقية، أو إعاقته الشخصية أو الاجتماعية، أن يمتلك الكفاءات الضرورية لبنائه الشخصي واندماجه في المجتمع، من أجل مدرسة تربي على أخلاقيات احترام النوع البشري، مدرسة تمنح لهم القدرة على “التفاعل مع حاجات المجتمع وتطلعاته، والاستجابة لمتطلبات المتعلم وحاجاته من حيث المعرفة والكفايات بكافة اشكالها المنهجية، المعرفية، التواصلية، الثقافية والتكنولوجية.

إن مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية يعني بصورة أو بأخرى غياب كل أشكال التمييز التربوي. وقد عرف التمييز القائم على عدة تحيزات، وفق الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، والتي أبرمت عام 1960 كما يلي: أي تفرقة، أو استثناء، أو قصر، أو تفضيل يجري على أساس الجنس أو اللغة، أو الدين، أو المعتقدات السياسية أو غيرها، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الحالة الاقتصادية، ينشأ عنه إلغاء المساواة في مجال التعليم أو الإخلال بها

ولا بد من التذكير أيضا بالوثيقة التي أصدرتها وِزَارَة التربية الوَطَنِية والتَّكْوين المهني وَالتَعْلِيم العالي وَالبَحْث العلمي، قطاع التربية الوَطَنِية، بخصوص مكانة الفتاة والمرأة دَاخِل منظومة التربية والتَّكْوين خِلَالَ الفترة الممتدة من 2017 إِلَى 2020. وتُعَدُّ وثيقة مرجعية للتقييم الموضوعي للتدابير الدامجة للبعد النوعي المتخذة فِي إِطَارِ تنزيل المشاريع الاستراتيجية لتنزيل أحكام القانون الإطار 51-17 المتعلق بمنظومة التربية والتَّكْوين وَالبَحْث العلمي، ولاستشراف خارطة طريق للارتقاء بالنوع الاجتماعي فِي المنظومة التربوية، وتجسيدا لتقيده بالالتزامات الوَطَنِية الداعية إِلَى إدماج مقاربة النوع الاجتماعي فِي السياسات القطاعية والاستراتيجية الوَطَنِية للإنصاف والمساواة، وتفعيله للالتزامات الدولية الموقعة مِنْ طَرَفِ المَغْرِب، كاتفاقية إلغاء كافة

أشكال التمييز ضد النساء واتفاقية حقوق الطفل، إِلَى جانب التزامات المَغْرِب فِيمَا يَخُصُّ أهداف التنمية المستدامة.
فتفعيلا لِهَذَا التوجه، عملت الوزارة، فِي تنزيل مشاريعها الاستراتيجية، عَلَى تبني مقاربة مندمجة ترتكز عَلَى تعزيز المساواة بَيْنَ الجنسين وإرساء مبدأ تكافؤ الفرص بَيْنَ جميع المتعلمات والمتعلمين.

وهنا لابد من التأكيد، مرة أخرى، بضرورة تنزيل وأجرأة توصيات مختلف المؤسسات التشريعية وإعادة مراجعة المقررات والمناهج الدراسية فيما يتعلق بالتحيز لأحد الجنسين ومدى احترامها لقيم مقاربة النوع وعدم إعادة إنتاج المكانة والصورة النمطية للمرأة داخل المجتمع، وعن مدى تضمينها قيم المساواة باعتبارها مدخلا لقيم العدالة والإنصاف بين الجنسين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى