اخبار

“أسرار الصحراء” تنكشف في مؤتمر بالرباط

 

اهتمام أكاديمي بأسرار الصحراء، جمع بالرباط باحثين من المغرب وتونس ومصر والبحرين وسلطنة عمان والإمارات والسنغال والسعودية وفلسطين وموريتانيا وهولندا، حفرا في جمالية “ثقافة الصحراء” وعمقها الإنساني.

موضوع الصحراء حضر في مؤتمر دولي استقبلته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في الرباط، بشراكة مع المنظمة الدولية لحماية التراث، وتعاون مع مؤسسة فكر للتنمية والثقافة، وقال فيه مراد القادري، رئيس بيت الشعر بالمغرب، إن الموعد يحمل “أفقا جديدا لمقاربة الصحراء لا كمساحة جغرافية، أو كما يتم تقديمها كأرض يباب قاحلة، بل كمكان يتحرر فيه الكلام وتتقوى بين جنباته الفسيحة إمكانية الكتابة والحلم”.

وأضاف القادري: “الصحراء اكتسبت دوما بعدا وجوديا ومجازيا؛ فهي كَونٌ يبدو بعيدا، لكنه قريب يمكن بلوغه عبر الكتابة والخيال”، و”صحاري العالم تغتني بتراثها الخاص، المتصل بالتراث الإنساني، وتغتني بموروث محلي وعادات وتقاليد اجتماعية، علاوة على امتلاكها لمدخراتها الثقافية في مجال الفنون والطبخ واللباس”، كما أن “الصحراء العربية” مهبط للديانات السماوية والشعر والشعراء.

وتابع رئيس بيت الشعر: “قديما، وفرت الصحاري المسالك والطرق لتعبر القوافل محملة بالملح والذهب والحرير، وكانت توفر في الواقع المسالك لعبور الثقافات والحضارات وتهيئ السبل للأمم للحوار والعيش المشترك”، واختزنت الصحاري “الضوء والنور واحتضنت رمالها الأسرار والنبوءات، واحتفظت كتبانها بآثار من مرّوا فوقها وطبعوا عليها معيشهم اليومي، الموشوم بالصمت والحكمة والتأمل في الذات والوجود”.

كلمة الصحراء هذه تحظى “بمكانة خاصة لدى الشعب المغربي، اعتبارا لكون البعد الصحراوي والحساني تحديدا أحد الروافد الأساسية للهوية المغربية”. وهذا من بين النقط التي تجعل، وفق مراد القادري، الملتقى “جديرا بالمتابعة”؛ لأنه “يطوّر التفكير في الصحراء”، بالاهتمام ببعديها الوجودي والمجازي في آن، وبكونها مكانا “ساهم في منحنا سجلا شعريا ثريا وخصبا ساهم في إغناء الإنسانية جمعاء”.

جمال الدين الهاني، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ذكر أن مقصد الملتقى الدولي هو “التعريف بثقافة الصحراء”، وما تحمله من أبعاد ودلالات رمزية، “تربط الجسور بين الماضي والحاضر، وتستشرف المستقبل، وترسخ الهوية والتنوع الثقافيين كمظهر من مظاهر التعايش السلمي”.

وتحدث الهاني عما تشكله الصحراء جهويا وفي المنطقة العربية من “قاسم مشترك بين هذه الدول بتجلياته المتعددة، من تقاليد وفنون ورقص وغناء وآداب وشعر مكتوب وحكاية شعبية وخط عربي”، مع استحضاره تكريس “دستور 2011” مفاهيم “التعددية الثقافية التاريخية للمملكة، ومن بينها البعد الصحراوي”.

وواصل: “الدول الحاكمة في المغرب مما يميزها أنها آتية جميعها من الجنوب، أي الصحراء. وللصحراء المغربية مكانة خاصة في وجدان المملكة والمغربيات والمغاربة، فهي من مقدسات البلاد، وبوصلتها ماضيا وحاضرا”.

إيجو شيخ موسى، نائبة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية المكلفة بالبحث العلمي، تحدثت عن “الإسهام الحقيقي” للملتقى في “ربط الحاضر بالماضي، والالتفاف حول قضايا الصحراء العربية”، والاهتمام بـ”تداخل الثقافتين الشفهية والمكتوبة، كوسيلة من وسائل التعبير عن علاقة الإنسان بالصحراء، التي لها أبعاد عميقة مفعمة بالرموز والدلالات”.

وأضافت: “هذا مؤتمر يطمح للكشف عن هذه العلاقات وما تحمله الذات من تصورات حول التنظيم القبلي، وطبيعة الحياة البدوية، وقيم الثقافة الصحراوية، وما تحمله من تصورات ورموز متغلغلة في المجتمع الحضري والبدوي على حد سواء”.

من جهته، تطرق محمد جودت، رئيس المنظمة الدولية لحماية التراث، إلى انفتاح المؤتمر لا فقط على “الثقافة الشعبية”، بل وتعدّيه ذلك إلى كونه “مؤتمرا تنظيريا بأبعاد أنثروبولوجية وثقافية واجتماعية ونفسية”؛ لأننا “لن نخطو في بناء هوية ثقافية محلية، دون فهم هذه الأبعاد”، واستيعاب أهمية “الدراسات البَينِيّة”.

 

 


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى