العلاقات بين السعودية و المغرب أخذت زخما في مختلف أبعادها خلال 2023
شهدت العلاقات المغربية السعودية في عام 2023 تطورا ملموسا في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، تجلى ذلك في الزيارات المكثفة المتبادلة بين المسؤولين الحكوميين ومن القطاع الخاص. ولا شك أن العلاقات المغربية السعودية، التي عرفت في عهد قائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس والملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، زخما كبيرا، ارتقى بها الى مستوى شراكة شاملة، شهدت خلال السنة التي نودعها تطورا نوعيا ضمن مسار متجدد وذو بعد استراتيجي.
وبالاضافة الى تمثيل صاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في أعمال قمة ملوك ورؤساء وقادة الدول العربية في دورتها الثانية والثلاثين التي احتضنتها جدة يوم 19 ماي الماضي، والتي سعت إلى بحث مساعي الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية، خاصة في ظل المتغيرات المتلاحقة والأزمات المتصاعدة على المستويين الدولي والإقليمي، مثل أيضا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 11 نونبر 2023 بالرياض، في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، التي بحثت الوضع في الاراضي الفلسطينية ،وذلك بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
كذلك على المستوى السياسي، عقدت لجنة التشاور السياسي – ولجنة المتابعة على مستوى كبار مسؤولي وزارتي الخارجية بالمملكة المغربية والمملكة العربية السعودية ، اجتماعها الثالث في أبريل الماضي بالرياض. وتباحث الجانبان خلال هذا اللقاء حول سبل تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، كما تبادلا وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما شهدت هذه السنة مشاركة المغرب ممثلا بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالإستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزللي في النسخة السابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار، التي احتضنتها الرياض، حيث استعرض الرؤية الملكية وطموحات المملكة المغربية ومؤهلاتها ومبادراتها الرئيسية التي تجعل منها وجهة متميزة للاستثمارات.
واقتصاديا، شرع المغرب والسعودية في دراسة إطلاق صندوق مشترك لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة للتصدير والاستثمار في البلدين بهدف رفع حجم التجارة البينية وذلك خلال انعقاد مجلس الأعمال المغربي السعودي بمدينة الدار البيضاء .
ومن المرتقب أن يشارك في تأسيس الصندوق ،القطاعان العام والخاص من البلدين، بما في ذلك البنوك المغربية “التجاري وفا بنك”، و”البنك الشعبي”، و”القرض الفلاحي للمغرب”، و”بنك أفريقيا”، إلى جانب البنك السعودي للاستثمار، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
ويهدف الصندوق لا ن يكون “بمثابة شباك موحد لتسهيل الإجراءات التمويلية واللوجستية لدعم توجه الشركات للتصدير والاستثمار بين البلدين”.
كما شهدت هذه السنة موافقة مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على عدد من اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين، ومنها اتفاقية في مجال خدمات النقل الجوي، واتفاقية تعاون في مجال مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ومذكرة تعاون في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات الحلال للمنتجات المحلية، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي.
الى ذلك وقع المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، في ماي الماضي بالرياض، مع الهيئة السعودية للملكية الفكرية مذكرة تعاون في مجال الملكية الفكرية، تهدف إلى التعاون في مجال أنظمة الملكية الفكرية وسياساتها واستراتيجياتها وكذا المؤشرات الجغرافية وعمليات تسجيلها وتنميتها.
وتهدف المذكرة ايضا إلى تعزيز التعاون في مجال إدارة معلومات الملكية الفكرية وتبادل بياناتها فضلا عن أفضل ممارسات عمليات الملكية الفكرية.
والأكيد أن العلاقات المغربية السعودية في عام 2023 عرفت زخما كبيرا ،حيث يشكل المسار التاريخي، والروابط الحضارية والثقافية، التي تستند اليها علاقات الجانبين، رغم بعدهما الجغرافي، تشكل صمام أمان لرسوخ هذه العلاقات، وضمان مناعتها خدمة للمصالح المشتركة، وتعزيزا لآفاق التعاون الثنائي بما يستجيب لتطلعات الشعبين في تدعيم الشراكة بينهما.