برنامج مسار نساء في الواجهةثقافة و فن

لمياء شرود: حين يتحول الفن إلى مرآة للروح ومحراب للشفاء

الفنانة التشكيلية لمياء شرود

في عالم يموج بالتفاصيل والضجيج، اختارت الفنانة التشكيلية المغربية لمياء شرود أن تتنحّى جانبًا لتُصغي إلى صوت داخلي هادئ، وتنقل عبر ريشتها تجربة فنية تتجاوز الشكل إلى المعنى، وتتجاوز الجمال إلى الشفاء.

فهي لا ترسم لوحات فنية فقط، بل تفتح نوافذ على العوالم الداخلية، وتجعل من الفن رحلة تأمل ووسيلة للتواصل الطاقي والروحي.

على مدى أكثر من عقد من الإبداع، نسجت لمياء أسلوبًا بصريًا خاصًا بها، يمزج بين التجريد والتكعيب، لكنه يتجاوز المدرسة والأسلوب نحو البصمة الشعورية التي تُحسّ ولا تُقال.

لوحاتها ليست مجرّد مشاهد بصرية، بل فضاءات للبوح، تنبض بطاقتها، وتتحدث بلغة الذبذبات.

تقول لمياء: “الفن هو عالمي السري، لحظات أتنفّس فيها بصدق، هو طقسي الروحي، مرآتي الداخلية، ومساحتي للون الصمت.”

كل لوحة تولد ككائن نابض، مشحون بإحساس عميق، وتدعونا للغوص في دواخلنا، لنرى ونسمع ونشعر.

لمياء ليست فنانة فحسب، بل معالجة بالفن، محللة نفسية، مساعدة اجتماعية، ومدربة حياة. هذه الخلفيات المختلفة تغني تجربتها، وتمنح أعمالها طبقات متعددة من العمق والمعنى.

إنها لا ترسم لتُعرض، بل لترسل رسالة، لتحرّك ساكنًا في الداخل، وتفتح بابًا نحو الذات.

من خلال الأشكال الهندسية والخطوط المنظمة، تُعيد ترتيب الفوضى الداخلية إلى معمار بصري هادئ، كما لو أن لوحاتها خرائط طاقية ترشد الناظر نحو توازنٍ ما، نحو سكينة داخلية مفقودة.

لا تفرض تفسيرًا على المتلقي، بل تتركه يقرأ اللوحة بروحه، على طريقته.

نشأتها داخل عائلة دافئة وداعمة كانت بمثابة التربة التي نبت فيها هذا الحس الفني. وسط هذا الحضن العاطفي، تعلمت كيف تثق بصوتها الداخلي،

وكيف تعبّر عنه بحرية ومحبة. تقول: “حين تحضنك العائلة، يصبح بإمكانك أن تحضن العالم بريشتك.”

في النهاية، تجربة لمياء شرود ليست فقط فنية، بل هي حالة وعي، دعوة للتواصل مع النفس، واستدعاء لما نغفل عنه في زحمة الحياة.

لوحاتها لا تُشاهد فقط، بل تُعاش، تُلمس، وترافق كل من ينصت لها في رحلة صامتة نحو الداخل.


 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى