أجرت جريدة ميدمار ميديا حوار صحفي مع الشاعرة المغربية لطيفة أثر رحمة الله ،أستاذة مادة اللغة العربية و عضو بمنتدى الأدب لمبدعي الجنوب.
كان ولازال الشعر معيارا من معايير رقيّ الحضارة الإنسانية وسببا من أسباب خلودها في التاريخ، بل إن الشاعر أحيانا يكون بحجم أمّة بكاملها، كما كان المتنبّي بحجم العراق والبردّوني بحجم اليمن وولاّدة بحجم الأندلس وقس على هذا. ومادمنا في شهر مارس فإننا محتفون إذن بالمرأة وبالشعر كليهما، وهذا ما جمعته لطيفة أثر رحمة الله، فهي المرأة الفاعلة في محيطها وهي الشاعرة التي تجاوزت هذا المحيط؛ وقد استضافها موقع ميدمار على هامش مشاركتها الأخيرة بملتقى الشعر الجهوي بمدينة طاطا، فكان لنا معها هذا الحوار الماتع :
كيف تقدمون لطيفة أثر رحمة الله لمتابعي موقع ميدمار ؟
بداية أود أن أشكر مجلة ميدمار على إتاحتها هذه الفرصة القيمة لأبصم في منارات مجلتكم البهية، وشكري موصول إلى كل القائمين على هذا المنبر الإعلامي المهمّ، مع تمنياتي لكم دوام النجاح والتألق.
لطيفة أثر رحمة الله امرأة مغربية من مواليد إقليم الصويرة سنة 1978، حاصلة على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، فرع أيت ملول؛
عضو بمركز مربد للتواصل وتحليل الخطاب بكلية ابن زهر/ أكادير؛
كاتبة وشاعرة تنشر إبداعاتها في مجموعة من المواقع والمجلات الالكترونية الثقافية والإبداعية.
صدر لها مؤخرا ديوان شعري تحت عنوان “أوراق الشمس” عن منتدى الأدب لمبدعي الجنوب/ فرع أيت ملول.
تحب القراءة، فهي بالنسبة إليها متنفس رحيب للهروب من ضجيج وصخب الحياة، حيث تجد ذاتها في رحابها ،وبين أروقتها تتعالى نفسها حين تتنفس عبق الورق وجمال الأسلوب وبهي الكلم، لذا فالقراءة جزء من تفاصيل حياتها، أو لنقل إن القراءة هي فسحتها الوحيدة لجمع شتات الذات التي تبعثرها انشغالات الحياة وتكسر لحمتها واتساقها، بل يمكن اعتبارها الجانب المشرق الحاضر في حياة لطيفة أثر رحمة الله، لأنها باعتقادها هي حياة أخرى في حياة منها ترتشف الحلم، في ظل غياب هذا الحلم على أرض الواقع.
ما قصة ارتباطكم الأول بمجال الأدب والثقافة عموما ؟
ذكرت سابقا عشقي للقراءة، هذا العشق قادني بطبيعة الحال إلى الكتابة، فإذا كانت القراءة بالنسبة إلي تصورا بدهيا للحياة وللحلم، فالكتابة هي ممارسة للحياة في أبهى تجلياتها معانقة للفطرة في طهرها وشفافيتها وفي تجردها المطلق وبساطتها في سموها وسموقها، دون أن أغفل أن الكتابة وجع قاس ومخاض مؤلم أعسر من قلع ضرس كما قال الفرزدق، فمواجهة البياض أصعب من ركوب أمواج البحر، و الكتابة في نظري كذلك فضح وتعرية لواقع الكاتب والشاعر ومحيطه، و هي تذكرة فناء لمعانقة الخلود خارج زمننا المادي، هروبا نحو التأمل والدهشة واليقظة؛ ومن هنا ارتبطت بالأدب دون أن أعي ذلك، فإن كانت الكتابة هي الأدب فلا بأس أن نكون من أهله.
عرفت الحركة الأدبية النسوية في الآونة الأخيرة نشاطا غير مسبوق، إلام يعزى ذلك في نظركم؟
بدءا أنا أرفض هذا التصنيف الضيق للأدب ،إذ الأدب أكبر من أن يصنف إلى أدب نسوي وآخر ذكوري، وعليه يجب أن يبقى الأدب إنسانيا وتصنيفه هذا التصنيف يجعله ينحو منحى التجزيء والتقسيم، والحال أن الأدب إنساني بعيداعن هذا التجنيس الفقير؛ وإن كان توظيف هذا المصطلح ضروريا فأرى في تصوري أن الحركة الأدبية النسائية، وإن كانت قد عرفت نشاطا غير مسبوق، فإن هذه الحركة ما تزال تتعثر في خطاها وما تزال تتعلم أبجديات تحدي الكتابة، وإن كنا لا نختلف أن المرأة قد ناضلت على امتداد سنوات لفك غربتها الأدبية واستطاعت بشكل كمي ونوعي أن تتجرد من وصاية الهيمنة الذكورية على حياتها الخاصة والعامة، فبرزت بشكل لافت ومبهر في مختلف أنواع الكتابات شعرا ونثرا ونقدا، بل برزت حتى في الكتابة الذاتية التي قلّ أن تخوض فيها المرأة وهي تعرية وفضح للوجود الكينوني للأديبة، وقد استطاعت المرأة المغربية خاصة أن تفرض نفسها وتسحق الوصاية الذكورية عليها فنجحت في تفردها وخلقت لنفسها مسارا أدبيا خاصا بها وحققت ذاتها ونادت بالمساواة مع شقيقها الرجل، محطمة بذلك النسق الذهني الدوني للمجتمعات العربية خاصة، ليس فقط على المستوى الفردي بل على المستوى الجمعي، فطورت لنفسها مدرسة نسائية تبنت من خلالها مجموعة من الأفكار الاستشرافية والتحررية، حاملة هموم قضايا عديدة لها خصوصياتها المنفتحة أكثر على إشكاليات الفرد والجماعة على السواء.
صدر لكم مؤخرا ديوان ” أوراق الشمس “، ماذا تقولين عنه ؟ وكيف كانت تجربتكم مع توقيعه في المعرض الجهوي للكتاب بمدينة بيوكرى ؟
حلت سنة 2023 وجاءت معها بشرى صدور هذا الديوان المجموعةُ قصائده منذ سنتين تقريبا، وقد ساهم أعضاء منتدى الأدب لمبدعي الجنوب/ فرع أيت ملول بشكل كبير في إخراجه إلى النور، ومن هذا المنبر أقدم لهم الشكر اللائق بهم، كما أوجه تحية خاصة إلى فضيلة الدكتورة فاطمة بولحوش التي صدّرت الديوان بمقدّمة جامعة مانعة لامست من خلالها جوانب كثيرة من موضوعات القصائد؛ أما الشمس فإحالة إلى النور والأمل وغد مشرق. الديوان طُبع في مطبعة بلال بمدينة فاس .
أما عن التوقيع فقد أتيحت لي المشاركة في الفعاليات الأخيرة للمعرض الجهوي للكتاب بمدينة بيوكرى تحت إشراف المديرية الجهوية لوزارة الثقافة؛ ولعلها كانت فرصة للاطلاع أولا على مختلف الإصدارات الجديدة في ساحة المؤلفات؛ ثانيا كانت فرصة للقاء القارئ عن كثب والتعريف بالديوان وقراءة بعض قصائده، وقد تشرّفت بتوقيع ديواني إلى جانب ديوان الشاعر محمد السعداني والشاعرة فاطمة أبو علي؛ ولا يفوتني طبعا شكر هيئة رابطة كاتبات المغرب/ فرع اشتوكة أيت باها على ما تحملته من عناء التنظيم والإعداد.
شاركتم أمسِ في ملتقى أدبي بمدينة طاطا في إطار الملتقيات الشعرية الجهوية، ما هي القيمة المضافة لهذه التجربة في مساركم الأدبيّ ؟
في الحقيقة كانت تجربة رائعة وغير مسبوقة في جميع مشاركاتي الشعرية، أولا لأنها أقيمت في مدينة لم أزرها من قبل وكانت هذه فرصة لاكتشافها؛ ثانيا لأنني شاركت إلى جانب شعراء معروفين في الساحة الأدبية. طبعا مثل هذه المشاركات تمكن الشاعر من الاحتكاك بتجارب الآخرين، كما تمكنه من الاطلاع على ثقافة المنطقة الحاضنة وتاريخها السياسي والأدبي. أشكر من هذا المنبر القائمين على الملتقى وعلى دعوتهم إياي لسماع حرفي المتواضع.