دار الطالبة تسلطانت بمراكش.. بنية اجتماعية تساهم في جهود محاربة الهدر المدرسي بالعالم القروي
تعد دار الطالبة بتسلطانت بعمالة مراكش بنية اجتماعية تضطلع بدور كبير في دعم جهود محاربة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات وخاصة المنحدرات من أوساط معوزة ومواكبتهن تربويا وصحيا.
وتعكس هذه المؤسسة الاجتماعية المحدثة سنة 2008 في إطار المرحلة الأولى للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المساهمة القيمة للمبادرة في مجال محاربة آفة الهدر المدرسي وحرصها المتواصل على تمكين الفتيات وخاصة بالعالم القروي من حقهن في التعليم والتحصيل الدراسي في ظروف جيدة.
وتجسد دار الطالبة تسلطانت نموذجا لمؤسسات الرعاية الاجتماعية المحدثة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الصعيد الوطني التي تتوفر فيها ظروف إيواء جيدة وملائمة للمستفيدات في جو عائلي تساعدهن على الارتقاء بمستواهن التعليمي.
وفضلا عن الإيواء توفر دار الطالبة للمستفيدات مجموعة من الخدمات متمثلة في الاستقبال والمطعمة والدعم التربوي والتنشيط الرياضي، وتقديم الإسعافات الأولية والمواكبة الاجتماعية والتربوية.
وتروم هذه المؤسسة، التي تسهر على تسييرها جمعية تسلطانت للتنمية والرياضة والثقافة، إيواء تلميذات السلكين الثانوي الإعدادي والتأهيلي اليتيمات والمعوزات الوافدات من دواوير بعيدة عن المؤسسات التعليمية ومواكبتهن.
كما تهدف إلى الحد من الهدر المدرسي في وسط الفتيات، والاهتمام بالجانب الأخلاقي والتربوي والحرص على تقديم تغذية صحية ومتوازنة لهن، مع التركيز على التحصيل والاجتهاد وتقديم الدعم الدراسي وتحقيق الانسجام في التسيير لخلق دار طالبة نموذجية والانفتاح على كل الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية، وتحقيق التفوق والتميز في صفوف التلميذات وجعلهن قدوة داخل مؤسساتهن التعليمية، ورفع نسبة النجاح، وتوفير المراقبة الطبية والتوعية الصحية للمستفيدات.
وتضم المؤسسة التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 104 سرير والمكونة من طابقين، مراقد وقاعة للإطعام والتأطير والمواكبة التربوية والاجتماعية ومكاتب خاصة بالإدارة وفضاء لاستقبال أولياء أمور المستفيدات، وقاعة للإعلاميات ومكتبة تضم مجموعة من الكتب، إلى جانب فضاء آخر يضم مصابيح ليلية مخصص للمطالعة والترفيه، وثلاث مخازن ومطبخ مجهز بجميع الوسائل الضرورية وملعب وقاعة متعددة التخصصات.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضحت رجاء كوكلو، المسؤولة عن برنامج تعميم التعليم الأولي بالوسط القروي ودعم التمدرس بقسم العمل الاجتماعي بولاية جهة مراكش آسفي، أن هذه الدار المشيدة بمساهمة مالية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الجماعي لتسلطانت، شهدت خلال المرحلة الثالثة من المبادرة بناء وتجهيز قاعة متعددة التخصصات، إلى جانب برمجة وتنفيذ مشروع متعلق بتجهيز قاعة للإعلاميات ومطبخ ومراقد المستفيدات من خدمة دار الطالبة.
وأبرزت أن الغاية الأساسية من تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دور الطالب والطالبة المندرج في إطار البرنامج الرابع المتمحور حول تنمية الطفولة المبكرة ومواكبة الطفل والشاب، تتجلى في تأهيل وتنمية هذه المؤسسات وتمكين المستفيدات والمستفيدين المنحدرين من أوساط محدودة الدخل من التمدرس في بيئة صحية وتوفير ظروف مناسبة لهم للتعلم والتميز، وكذا تحسين شروط تمدرس الفتاة القروية والحد من أسباب الهدر المدرسي لتمكين المتمدرسين من مواصلة دراستهم في أفضل الظروف وبالقرب من المؤسسات التعليمية.
وأشارت السيدة كوكلو، إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعمل على تنزيل هذه الأهداف على أرض الواقع من خلال توسعة دور الطالب والطالبة وتأهيلها وبناء قاعات متعددة التخصصات تهم التكوين والتنشيط والدعم التربوي وتجهيز هذه المؤسسات الاجتماعية بمعدات مطبخية وإعلامية وديداكتيكية ومكتبية، إلى جانب توفير دعم سنوي لتسيير هذه الدور.
من جهته، أوضح، يوسف زريعة، رئيس جمعية تسلطانت للتنمية والرياضة والثقافة، في تصريح مماثل، أن هذه المؤسسة للرعاية الاجتماعية تسعى إلى المساهمة في محاربة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات المنحدرات من دواوير بعيدة وتفتقر لوسائل النقل وتشجيعهن على مواصلة دراستهن سواء بالسلك الإعدادي أو الثانوي التأهيلي.
وأكد على أن هذا الجهد ساهم في انخفاض كبير وملحوظ في نسب الهدر المدرسي في صفوفهن وكان له الأثر الكبير على تحصيلهن، مشيرا إلى المعايير المعتمدة في اختيار المستفيدات من خدمات هذه الدار والمتمثلة بالأساس في الوضع الاجتماعي والبعد عن المؤسسة التعليمية والتفوق الدراسي.
ولفت إلى أن المؤسسة وفضلا عن الأنشطة الثقافية والرياضية المتنوعة، تقدم للنزيلات خدمة الدعم التربوي في مجموعة من المواد الأساسية منها العربية والإنجليزية والرياضيات والفرنسية والفيزياء وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي شهدتها المؤسسات التعليمية بداية السنة الحالية وذلك في إطار تعاقدها مع مراكز للدعم التربوي.